ديمبسي: لو أخذ الأسد عائلته وأزلامه ورحل فكيف ستدير سورية نفسها؟

يمكن ألا تكون وجهات نظر رئيس الأركان الأميركي هي “الكلمة الأخيرة” لواشنطن بالنسبة للنزاع السوري. خصوصاً أن هنالك تيّاراً واسعاً في واشنطن، لا يقتصر على الحزب الجمهوري أو على اللوبي الإسرائيلي، بل يشمل قطاعات من وزارة الخارجية ومن البنتاغون، تعترض على سياسات الرئيس أوباما تجاه سوريا وإزاء إيران. ويمكن أن تؤدي أخطاء السياسات الإيرانية، وجشع الحرس الثوري للسلطة، إلى صدامات غير متوقعة مع واشنطن في سوريا وغيرها.

مع ذلك، من الواضح ان تحليلات رئيس الأركان الأميركي تتّسم، أولاً، بقدر من “عدم النزاهة” الفكرية (وليس الاخلاقية فقط). فماذا سيحدث لو رحل الأسد سؤال كان يمكن طرحه أيضاً بالنسبة لألمانيا الهتلرية وإيطاليا الفاشية والعراق الصدّامي وحالات أخرى تدخّلت فيها واشنطن عسكرياً وبصورة أقوى بكثير مما هو مطلوب منها في سوريا.

وثانياً، فإن منطق الجنرال ديمبسي “يبرّر” كل المخاوف العربية، والخليجية خصوصاً، وكذلك المخاوف الإسرائيلية (كلاً على حدة) وعدم الثقة بسياسات أوباما في الشرق الأوسط. فالرئيس الأميركي يريد إنهاء عهده بـ”صفقة مع إيران” ربما يتصورها مثل صفقة نيكسون مع صين ماو تسي تونغ! لكن، في حين رسّخ نيكسون عداء الصين للإتحاد السوفياتي وتحالفها الضمني ضد السوفيات مع أميركا، فإن السيد أوباما يضع أميركا في موضع “المضطر” للتنازل لإيران لأنه حرم نفسه من كل أوراق الضغط التي يفهمها النظام الإيراني.

وحينما تتهم صحيفة رصينة مثل “الواشنطن بوست” الرئيس أوباما بأنه “اختار” ألا يتدخّل في سوريا مع أن هنالك أسباباً عديدة للتدخّل، فذلك إشارة لا يفهم منها الحرس الثوري سوى أن عليه ممارسة المزيد من التطرف بانتظار تسليم أميركا بشروطه كاملة في سوريا. وهذا ما عبّر عنه مرتزقة إيران في بيروت، أمس السبت، بلهجتهم المتغطرسة الفظة!

الشفاف

*

واشنطن – من حسين عبدالحسين

رحيل الرئيس السوري بشار الأسد لا يحل الازمة في سورية، والحل يأتي باتفاق إقليمي فقط. هذا ما تعتقده الإدارة الأميركية، وهذا ما أوردته «الراي» مرارا، وهذا ما قاله أول من أمس رئيس الأركان في الجيش الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي، الذي شكك في جدوى رحيل الأسد متسائلا: «لو اخذ الأسد عائلته وازلامه جميعهم وغادر سورية اليوم، كيف ستدير هذه البلاد نفسها؟».

وقال ديمبسي خلال حوار اثناء مؤتمر حول السياسات الدفاعية في مركز أبحاث «مجلس الأطلسي» انه لا يوافق المعارضة المسلحة اعتقادها ان أسلحة مضادة للطائرات تساهم في التوصل الى حل، بل هي تؤدي الى حلول موقتة فقط.

واوضح: «عندما ننظر الى المستقبل ونحاول ان نرى كيف سينتهي (هذا الصراع)، في مرحلة ما، ستحتاج المعارضة السورية الى بضعة أشياء، ستحتاج الى منظومة حكم يمكنها ان تقدم من خلالها خدمات جيدة وأمناً للسكان، (وان لم تفعل ذلك) تفشل بسرعة». وأضاف ان: «كائنا من كان (ان لم يقدم ذلك) سيفشل تقريبا فورا».

وتابع الجنرال الأميركي: «ثانيا، سيحتاجون الى قوة للحفاظ على الأراضي التي يسيطرون عليها، واستخدامها من اجل الإغاثة الإنسانية ومن اجل استكمال النشاط ضد النظام… وبالمناسبة، للقيام بمكافحة إرهاب مع تزايد هذا النوع من الخطر واستمرار نموه».

وأوضح ديمبسي: «عندما أتحدث انا عما تحتاجه سورية، اضع الأمور في هذا الشكل، أي انهم يحتاجون الى القوة التي بحوزتهم الآن التي يحاولون من خلالها حماية القرى المحلية، ويحاولون مضايقة النظام وموازنته على الأرض، ويحتاجون الى ما يمكنهم للحفاظ على الأراضي، ومكافحة الإرهاب، وكل ذلك يجب ان يتحقق بشكل مسؤول امام الشعب السوري».

وقال الجنرال الأميركي ان بلاده «ليست حاليا في طور تزويد المعارضة السورية بذلك، وهذا ما يجب علينا ان نناقشه»، مستدركا ان «النقاش ليس اميركيا فقط، بل متعدد الأطراف دوليا وإقليميا».

وأضاف: «بالمناسبة، الموضوع ليس سورية، بل هو من بيروت الى دمشق الى بغداد».

وهنا تدخل المحاور قائلا ان الثوار في سورية يعتبرون انه لا يمكنهم الدفاع عن الأراضي التي يسيطرون عليها في وجه تفوق جوي لقوات الأسد وانهم يحتاجون لأسلحة مضادة للطائرات لمواجهته، فرد ديمبسي: «هذا رأيهم». وبعد محاولات من المحاور للحصول على رد من ديمبسي في هذا الشأن، أجاب الجنرال الأميركي: «هذا رأيهم، وان لا اوافقهم بالضرورة».

وتابع ديمبسي: «انظر، إذا ما اخذ الأسد عائلته وازلامه جميعهم وغادر سورية اليوم، كيف تدير هذه البلاد نفسها؟» وأجاب ديمبسي السؤال الذي طرحه بالقول انه في حال رحيل الأسد سيكون هناك صراعات تلي الصراع الحالي، وقال: «سيكون هناك تتابع في الصراعات، هناك الصراع القائم حاليا، ثم يكون هناك صراع ثان وهو سيكون نوع من الصراع الداخلي، ثم سيكون هناك الصراع الثالث ضد التنظيمات الإرهابية التي تنمو هناك».

إذا، لا حلول عسكرية في سورية حسب الجنرال الأميركي، والحل يكون بتسوية إقليمية فقط، وهذا تصور يتزامن مع كشف مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الابراهيمي، الذي قدم استقالته أمس، خطة إيران للحل التي تكون بتشكيل حكومة وحدة وطنية تحت رئاسة الأسد، ثم اجراء انتخابات رئاسية بمراقبة دولية، وعلى الأرجح تسمح بترشح الأسد وربما فوزه بولاية ثالثة.

واشنطن، بدورها، لا تمانع الاقتراح الإيراني من حيث تشكيل حكومة انتقالية تتألف من المعارضة ونظام الأسد وتشرف على انتخابات رئاسية مقبلة. الاختلاف الوحيد بين واشنطن وطهران في سورية هو حول بقاء بشار الأسد نفسه، وهو ما تريده طهران، فيما تريد واشنطن رحيل الأسد وبقاء نظامه، فهل تؤدي التسويات المقبلة بين اميركا وإيران الى التوصل الى تسوية بينهما حول هذا الموضوع؟ ومن يتنازل للآخر؟ هل توافق طهران على رحيل الأسد مقابل احتفاظها بنفوذها في سورية ومعظم منطقة الشرق الأوسط باعتراف اميركي؟ ام تتنازل واشنطن وتعتبر ان بقاء الأسد هو جزء من الاعتراف بدور إيران ونفوذها في المنطقة؟

شفاف الشرق الوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.