المعركة ستحسم عسكريا في سوريا ولا أهمية لعفو الأسد ولا تصريحات أوباما أو مؤتمرات المعارضة

 رصدت صحيفة «واشنطون بوست» ملامح تغير في المشهد الدبلوماسي وذلك بطلب رئيس الوزراء القطري الشيخ عبدالله بن ناصر الخليفة آل ثاني من مجلس الأمن الدولي العمل والتوصل لوقف إطلاق النار في سوريا ، وتعتبر قطر من الدول الداعمة سياسيا وماليا للمعارضة السورية. وفي إشارات أخرى بدأ حلفاء الأسد وأعداءه بالتواصل مع بعضهم البعض فقد وصل الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى أنقرة لإجراء محادثات مع المسؤولين الأتراك.

ويعتبر رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان من أشد المعادين للرئيس السوري والداعمين للإنتفاضة فيما تعتبر إيران من أكبر حلفاء الأسد. ولكن صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» قالت إن المصالح التجارية هي ما يجمع البلدين أكثر من الخلاف حول سوريا.

وفي تقرير كتبه سكوت باترسون قال إن «التجارة أولوية» وتريد تركيامضاعفة العلاقات التجارية بين البلدين لتصل إلى 30 مليار دولار أمريكي بحلول العام المقبل، 2015 وهو طموح يمكن أن ينتفع من رفع العقوبات الإقتصادية عن إيران حال التوصل لاتفاق بشأن مشروعها النووي. ووصل روحاني أنقرة مع وفد عالي المستوى ضم محافظ البنك المركزي الإيراني وأكثر من 100 مدير تنفيذي لمؤسسات في الدولة الإيرانية.

ويشير التقرير إلى ان الإبتسامات والسلام أخفت التنافس التاريخي بين البلدين وخلافهما حول سوريا، حيث تلعب كل دولة دورا مهما في دعم الطرف المقابل على جانبي الصراع إضافة لكون إيران الحليف المهم والراعي لحزب الله الذي يقاتل جنوده الآن في سوريا.

وفي الوقت الذي تحتفظ فيه تركيا بحدود طويلة مع سوريا يستخدمها المتطوعون الأجانب للعبور إلى سوريا كما ويعبر منها المقاتلون السوريون إلى المناطق التي يسيطرون عليها. وشجبت أنقرة الإنتخابات الرئاسية الإسبوع الماضي بينما رحبت بها طهران واعتبرتها انتصارا لمحورها الذي يضم أيضا حزب الله. ورغم كل هذا اعتبر الرئيس التركي عبدالله غول إيران «صديقا لا يقدر بثمن» فيما قال الرئيس روحاني إن زيارته نقطة تحول مهمة في العلاقات التي قال عنها غول إنها ليست فقط عن «العلاقات بين البلدين ولكنها مهمة للمنطقة والعالم».

وحمل معه روحاني نفس الرسالة التي قدمها لأمير دولة الكويت وهي قتال العنف والتطرف والإرهاب.

وترى الصحيفة أن التنافس الإستراتيجي بين البلدين خف بسبب الدور الذي لعبته تركيا في التخفيف من حدة العقوبات المفروضة على إيران. وتقدم الأخيرة لتركيا نسبة 30٪ من الغاز الطبيعي الذي تحتاجه تركيا، فيما تقوم أنقرة بتصدير مواد تشمل الحديد والفولاذ والأجهزة الكهربائية.

وكان أردوغان قد زار في كانون الثاني/ يناير طهران حيث انتقد العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة على إيران، والتي أثرت على حجم التجارة بين البلدين حيث تراجعت من 22 مليار دولار في عام 2012 إلى 15 مليار في العام الماضي. واتهمت أنقرة بمحاولة مساعدة إيران تجنب العقوبات عبر تحويلات الذهب الذي تقدر قيمته بالمليارات لكن المسؤولين الأتراك سارعوا لنفي الأخبار وقالوا إنها جزء من مؤامرة لتشويه سمعة بلادهم.

وتحاول تركيا وإيران العودة لمستوى العلاقات كما كانت في أيار/ مايو عام 2010 عندما كانت أنقرة محل ثقة لإيران وقامت هي والبرازيل بتقديم خطة يتم من خلالها تخصيب نصف اليورانيوم خارج إيران وهو الإتفاق الذي رفضته الولايات المتحدة وقررت فرض عقوبات جديدة على طهران.

حزب الله قوة ضاربة

وضمن التطورات في المشهد السوري، التحذيرات التي أطلقها الجنرال بيني كاتز، رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي الذي توقع استمرار الحرب السورية مدة عشرة أعوام.

وجاءت تصريحاته بعد يوم من ما نقلته مجلة «دير شبيغل» عن المبعوث السابق لسوريا، الأخضر الإبراهيمي الذي حذر من تحول سوريا إلى دولة أمراء حرب وفاشلة على الطريقة الإسرائيلية.

ولكن كاتز حذر من قوة حزب الله وحماس حيث تساءل في مؤتمر هرتزليا للأمن «سموا لي أربع أو خمس دول لديها قوة عسكرية أكثر من حزب الله: الولايات المتحدة، الصين، روسيا، إسرائيل، فرنسا وبريطانيا».

وتعلق صحيفة «إندبندنت» البريطانية بالقول إن رئيس هيئة الأركان لديه الكثير من الأسباب للقلق فقد كان قائدا بارزا في حرب تموز/ يوليو عام 2006 التي خاضها حزب الله ضد إسرائيل، وأكثر من هذا فمقاتلوا الحزب الشيعي يشاركون في الحرب ضد الجماعات المقاتلة في سوريا والتي تريد الإطاحة بنظام الأسد.

ويعلق الكاتب كيم سينغوبتا على الطريقة المبالغ فيها والتي وضع فيها الجنرال قوة الحزب إلى جانب الدول الأعضاء في مجلس الأمن بالإضافة لإسرائيل، ولكن ما قصده هو أن حزب الله يعتبر قوة رئيسية في المنطقة مع أن تركيا ومصر قد تعترضان على هذا الكلام نظرا لحجم جيشيهما. ويقول إن الجنرال كاتز كان يريد التأكيد على أن حزب الله لا يزال يمثل تهديدا وجوديا على إسرائيل وأنه قام بتعزيز قدراته القتالية والعسكرية منذ حرب عام 2006 وبسبب تجربته في سوريا. ولم تفت هذه التجربة على الجنرال الإسرائيلي الذي قال إن إسرائيل «ستواجه يوما هذه القوة».

وخلف الحزب اللبناني تقف إيران ومشروعها النووي ومن «المهم منعها من الحصول عليه سواء بالقوة أو بدونها».وكل الإشارات التي قدمها تفضيله حل الملف بدون اللجوء للقوة مقترحا أن العقوبات تعمل.

واختارت الولايات المتحدة كما تقول الصحيفة الحوار مع إيران حيث تجري محادثات حول الملف النووي.

ويشير الكاتب إلى وجود إجماع في مؤتمر هرتزيليا عن غياب المزاج لدى الولايات المتحدة والغرب بخوض حرب جديدة سواء فيما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا أو النزاع المستمر في سوريا ويبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي فقد الأمل في الرئيس باراك أوباما الذي رفض الإستماع لنصائحه ومقاطعة حكومة الوحدة الوطنية واتفاق المصالحة بين حركتي حماس وفتح.

عفو

وفي سياق مختلف علقت صحيفة «واشنطن بوست» على قرار الرئيس السوري بشار الأسد إصدار عفو رئاسي عن السجناء الذين لا علاقة لهم بالإرهاب، مشيرة إلى أن أكثر من عفو عام صدر منذ بداية الإنتفاضة السورية ونتج عنها إطلاق سراح المزيد من المجرمين والمتطرفين الذين قالت المعارضة إن النظام أطلقهم لتشويه الإنتفاضة وصورة المعارضة في الخارج.

أما الناقدون السياسيون للنظام فلا يزالون خلف القضبان بمن فيهم المدون السوري طلال ملوحي الذي سجن قبل بداية الإحتجاجات المطالبة برحيل الأسد وحكم عليه بالسجن مدة خمسة أعوام.

وكانت الحكومة واضحة في تعاملها مع الناشطين السياسيين الذين يدعمون الجماعات المسلحة وصنفتهم كإرهابيين، واتهمت الحكومة عددا من القيادات في الإئتلاف الوطني المعارض الذين يلقون دعما من دول عربية وغربية بالإرهاب. كما وشمل العفو الرئاسي المتطوعين الأجانب ولكن بشرط تسليم أنفسهم للسلطات خلال شهر من صدور القرار، ويقاتل ألاف المتطوعين العرب والأجانب مع الجماعات المسلحة خاصة الإسلامية المتشددة منه.

وجاء العفو بعد النصر الإنتخابي الذي حققه الأسد بنسبة 88.7٪ من أصوات الناخبين في انتخابات وصفتها المعارضة بالمهزلة، وشجبتها الولايات المتحدة والدول الغربية بانها لا تعني شيئا وافتقدت الشفافية والمنافسين الحقيقيين، ولكنها كما تقول الصحيفة أظهرت سيطرة الأسد على مناطق في البلاد رغم الثورة المندلعة في البلاد منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات. وهناك أكثر من 100.000 سجين في سجون النظام، فيما كشفت تحقيقات قام بها محققون بريطانيون وجدوا أن أكثر من 11 ألف سجين اختفوا في سجون النظام.

وقالت صحيفة «التايمز» البريطانية إنه لا توجد أي إشارات عما سيواجهه المعتقلون حالة الإفراج عنهم، وإن كانوا أحرارا لممارسة حياتهم العادية أو مواجهة أمر بالتجنيد والقتال في صفوف الحكومة. وتضيف الصحيفة إن العديد من المحللين توقعوا صدور العفو الرئاسي حيث يحاول المسؤولون تصوير فوز الأسد باعتباره نقطة تحول في النزاع.

وتتهم المعارضة أيضا النظام بعمليات اختطاف واعتقال عشرات الألوف في ظروف مريعة، وعادة ما تمارس عليهم التعذيب والقتل الفوري بدون محاكمات.

شك وأمل

ولاحظت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن الإعلان قوبل بنوع من الأمل والشك. ففي الوقت الذي تمنت فيه مواطنة من حلب السعادة لأمهات المفرج عنهم، قال آخرون أن الذين سيخرجون من السجن سيعودون لساحات القتال مستفيدين من قرار «النظام الأحمق» حسبما كتب ناشط في وسائل التواصل الإجتماعي.

أما المقاتلين فقد تعاملوا مع العفو بنوع من الشك وقالوا إن تحركات من هذا القبيل تمت بدون أية نتيجة خاصة أن النظام قام بنشر أسماء غير صحيحة للمفرج عنهم.

ونقل عن حسن تقي الدين وهو ناشط في المعارضة في دمشق قوله «حسب إعلان النظام، يضم العفو ناشطين سياسيين، لكن لم يتم الإفراج عن أي منهم، وهناك من لم يطلق سراحهم مع أنهم في السجن منذ بداية الإنتفاضة»، وأضاف «جاء العفو الأن من الأسد كي يثبت للعالم نواياه «الطيبة» لكن التحرك على الأرض ليس كذلك».

ويقول أبو حذيفة هن متحدث باسم المعارضة يقيم قرب الحدود التركية فقد تعامل بنوع من البراجماتية مع القرار «المعركة في سوريا عسكرية وما يقرر نتيجتها هو ما يحدث على الأرض»، «أما بالنسبة لقرار الأسد، ومؤتمرات المعارضة وتصريحات الخارجية الأمريكية فلا أهمية لها».

إبراهيم درويش – القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.