بائع معروك في سوريا

رمضان السوريين بلا كهرباء ولا ماء.. ودرجات حرارة تتجاوز الـ44 مئوية

يعيش السوريون ظروفا قاسية ازدادت ترديا مع حلول شهر رمضان الكريم الذي تزامن مع انقطاع الماء وشح الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 44 درجة.

ويقول «رامز غ» (50 سنة) إنه في رمضان الماضي «كنا نعاني من التهاب الأسعار، أما هذا العام فلم نلحظ الأسعار نهائيا على الرغم من ارتفاعها، لأننا غرقنا في مشاكل انقطاع الكهرباء وشح المياه في هذا الجو اللاهب». وأضاف «في أول أيام الصوم انقطعت الكهرباء طيلة النهار وإلى ما بعد الإفطار، وإذا لم يكن هناك كهرباء فلا يوجد ماء لأننا نعتمد على مضخات منزلية لتوصيل المياه إلى الطابق الرابع».

ويتابع أنه غير واثق من قدرته على متابعة صيامه، أما زوجته وأولاده فأفطروا، وكما يقول رامز «لأن الظرف الذي يعيشه السوريون يجعل الصيام ترفا، فإن لم يفطر المرء بسبب الحر والعطش فحتما سيفطر لأنه لن يكف عن شتم المسؤولين عن الكهرباء والماء بأقذع الألفاظ».

ويتداول السوريون الكثير من النكات حول رمضان في سوريا هذا العام، منها رسالة وجهها مواطن سوري إلى وزير الكهرباء يقول فيها «عزيزي وزير الكهرباء: لعبنا ورقا على ضوء الشمعة، تقبلناها.. افطرنا في العتمة، أيضا تقبلنا ذلك.. أما أن أفرش أسناني بمعجون حلاقة.. فإلى هنا ويكفي».

وكانت مصادر حكومية حذرت مرات عدة قبل حلول فصل الصيف من أزمة مياه خانقة ستشهدها العاصمة خلال الموسم، وبدأت برنامج تقنين المياه الذي تزامن مع برنامج آخر لتقنين الكهرباء تزداد ساعات القطع فيه مع ارتفاع الاستهلاك بسبب الحرّ.

ونقلت جريدة «الوطن» المحلية الموالية للنظام السوري أن «معلوماتها تشير إلى أنه لا مواعيد محددة حتى الآن في ما يخص برنامج تقنين المياه خلال شهر رمضان، لأن لقطع الكهرباء تأثيرا كبيرا، لا سيما أن محطات تغذية الكهرباء تتعرض للتوقف بسبب الهجوم عليها من قبل الجماعات الإرهابية».

ويأتي ذلك بينما تروج شائعات بأن انقطاع الكهرباء ولساعات طويلة عن قطاعات واسعة من البلاد يقف وراءه رجال أعمال وتجار الأزمات من أركان النظام، خصوصا من مستوردي المولدات الكهربائية المنزلية. وكان أول من أطلق هذه الشائعات ابن عم الرئيس دريد الأسد، الذي كتب على صفحته في موقع «فيسبوك» أن انقطاع الكهرباء «ربما له علاقة بمستورد المولدات الكهربائية».

وأيا كانت الأسباب فإن أزمة الكهرباء عمقت أزمة المياه في دمشق وريفها. ويقول مدير عام مؤسسة المياه والصرف الصحي حسام حريدين إنه يعمل حاليا على إحداث توازنات بين الريف والمدينة ضمن إطار وجود عدالة في تأمين كميات المياه للجميع في مختلف المناطق، مؤكدا أن «وضع الريف متابع بشكل كبير»، حيث تعاني المناطق الخاضعة للسيطرة النظام في ريف دمشق من تنامي ضغط الاستهلاك بسبب نزوح السكان من المناطق المجاورة الساخنة، مما يجعل تأمين كل الخدمات صعبا جراء الاختلال الذي أصاب التوزع الديموغرافي.

من جانبها، تقول أم خالد (40 سنة)، وتعمل في مشغل خياطة، إنها تتشبث بالصيام مهما كانت الظروف، وتضيف «يكفينا ما تحملناه من معاناة بسبب انتشار الفساد والكذب والاحتيال بين الناس». وتتابع «في رمضان الماضي كنا محاصرين في مخيم اليرموك وليس لدينا سوى الماء والملح لأكثر من شهرين، ومع ذلك صمت مع وعائلتي، فهل أفطر اليوم بعدما أنعم الله علي بالخروج من الحصار؟».

ويعاني السكان المحاصرون في المناطق الساخنة من انعدام كل وسائل الحياة، ودعت «فاطمة ع» بعد أن تمكنت من الهروب من الحصار في الغوطة الشرقية قبل عدة أشهر «أصحاب الضمائر» ممن سمتهم بـ«المفسبكين»، إلى الكف عن نشر صور موائدهم الرمضانية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، لأنها حين غادرت الغوطة الشرقية تركت خلفها أطفالا ونساء «يحلمون بكسرة خبز وشربة ماء نظيفة». وتقول فاطمة «رمضان الماضي كنا محاصرين، وكان إخوتي الصغار يتصفحون ما لدينا من مجلات قديمة ويتأملون صور الأطعمة والمأكولات وينامون ببطون امتلأت ماء وسكرا، أو ماء وملحا وبهارا، وهم يحلمون بها». وتضيف أن أكثر ما آلمها في رمضان الحالي رؤيتها «الناس وسط العاصمة (المربع الأمني) يقبلون على الموائد الرمضانية في المطاعم والمنازل ويتبادلون الدعوات والولائم ويلتقطون الصور التذكارية وينشرونها على (فيسبوك)، على الرغم من كل ما تعانيه البلاد من مآس، مبررين احتفالهم بحب الحياة، وكأن المحاصرين تحت القصف يكرهونها».

بدورها، تقول «نرمين ج»، موظفة في دائرة حكومية، إن معظم زملائها في العمل أفطروا هذا العام بسبب الظروف السيئة التي يعيشونها من قلة الماء والكهرباء وغلاء أسعار. وتوضح «الصيام يعني عيش شظف الحياة، تقربا من الله ومشاركة للمحرومين، لكننا منذ ثلاث سنوات ونحن نعيش مرغمين كل صنوف التقشف والقهر والحرمان».

الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.