كمال اللبواني لـ”إيلاف”: الائتلاف السوري أرض نجسة!

في أعنف هجوم على الائتلاف السوري المعارض، يقول كمال اللبواني إنه تأسس اصلًا للصلح مع نظام الأسد وليس لقيادة ثورة الشعب السوري، فيطلق عليه صفة الأرض النجسة، ويحمله مسؤولية السقوط الميداني.

ليال بشارة من باريس: في حوار مع “إيلاف”، يفاجئ المعارض السوري كمال اللبواني، العضو السابق في الائتلاف السوري المعارض، الجميع حين يعترف جهارًا بأن هذا الائتلاف تشكّل بالأساس من أجل التفاوض مع النظام السوري، وليس من أجل قيادة الثورة، وبأنه كان واجهة سياسية أعدتها الدول الصديقة لكي يوقع باسم الشعب السوري على وثيقة التفاوض مع النظام، لإنقاذ بنية الدولة العميقة.

ويقول اللبواني لـ “إيلاف”: “عندما فشل مؤتمر جنيف، لم يعد للائتلاف أي قيمة، وبالتالي لم يلعب أي دور، ولم يتلقَ أي دعم، ومنذ تشكل الائتلاف، الثورة تراجعت أخلاقيًا وسياسيًا وتنظيميًا وإداريًا، فالمناطق تُسلم تباعًا، والمساعدات التي يرسلها الائتلاف تصل بعد سقوط الجبهات”.

كائن مصطنع

يرى اللبواني أن الائتلاف ليس منتجًا وطنيًا، لم تُنتجهُ الثورة، “بل الائتلاف كائنٌ مصطنع، بالتالي فإن البديل يجب أن يكون منتجًا حقيقيًا من الأرض، من الداخل”، ويقول إن المطلوب هو قيادة للثورة، “وهذا يتطلب فريق عمل واضحاً يُرضى عنه في الداخل، ويكون قادراً على العمل في الداخل، ولا يقوم بسرقة قرار الشعب السوري”.

ويحمل اللبواني الائتلاف مسؤولية الكوارث التي تعصف بالثورة، بسبب نقص الإدارة والتنظيم والمحاسبة، مشيرًا إلى تبديد ملايين الدولارات فيما الناس تموت جوعًا، “ويجب أن يُحاكم هذا الائتلاف على الكارثة التي تسبب بها بسبب فشله في الإدارة وعدم رغبته في العمل بالداخل السوري”.

ويرى اللبواني أن المالكي خرَب العراق، والأسد خرب سوريا، وحسن نصر الله خرَب لبنان، ونظام الملالي سيخرب إيران، والشعب السوري اليوم أمام خيارين أحلاهما مر: الأسد أو داعش!

وفي ما يأتي متن الحوار:

ما الجديد الذي يُمكن أن يحمله انتخاب هادي البحره، المقرب من السعودية،  رئيسًا للائتلاف السوري المعارض؟

ليس صحيحًا ما يُقال إن هادي البحره أو أحمد الجربا مقربان من السعودية، وأنا شخصيًا سمعت من قياديين سعوديين قولهم إنهم لا يعتمدون على أشخاص، بل ينتهجون سياسات. ومن الخطير في مكان ما هذا الكلام، لأن أي خطأ سيرتكبه ستكون السعودية مسؤولةً عنه.

ولد للتفاوض مع النظام

ألا يزال هناك مكان للائتلاف وسط تطورات الأزمة السورية ميدانيًا وسياسيًا، مع فشل مؤتمر جنيف-2 في إنهاء النزاع بحل سياسي؟

تشكل الائتلاف بالأساس من أجل التفاوض مع النظام السوري، وليس من أجل قيادة الثورة، ولم يتحمل أي ملف أو مسؤولية لها علاقة بالثورة أو بالشعب السوري. كان واجهة سياسية أعدّتها الدول الصديقة لكي يوقع باسم الشعب السوري على وثيقة التفاوض مع النظام، في مسعى لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، أي بصريح العبارة إنقاذ بنية الدولة العميقة.

من هنا، الائتلاف بالأصل لم يكن له دورٌ وطني قيادي في الثورة، بل اختُصر دوره على التوقيع في جنيف. عندما فشل مؤتمر جنيف، لم يعد للائتلاف أيُ قيمة، وبالتالي لم يلعب أي دور، ولم يتلقَ أي دعم. ومنذ تشكل الائتلاف، الثورة تراجعت أخلاقيًا وسياسيًا وتنظيميًا وإداريًا، والمناطق تُسلم تباعًا، حتى أن كل المساعدات التي يرسلها الائتلاف تصل بعد سقوط الجبهات وليس قبلها!

هل من بديل عن الائتلاف الذي يُعتبر مظلة سياسية للمعارضة المسلحة، على الأقل غربيًا؟

لم يكن الائتلاف الوطني منتجًا وطنيًا، لم تُنتجهُ الثورة، بل الائتلاف كائنٌ مصطنع بالتالي فإن البديل يجب أن يكون منتجًا حقيقيًا من الأرض، من الداخل، فليس معقول اليوم أن يتم تشكيل قيادة للداخل من معارضة الخارج، هذه فكرة مدمرة، وبالمقابل لا يكفي اليوم أن نقول إننا لا نريد ائتلافًا، لكن يجب العملُ على إنتاج قيادات حقيقية للثورة السورية من الداخل، من الناس الفاعلين على الأرض لأن هؤلاء فقط يستطيعون قيادة العمل.

وفي حال أرادت الدولُ الصديقةُ تقديم المساعدة، فإن عليها تشجيع هذه الآلية لإنتاج قيادة حقيقية فاعلة، وما نؤكد عليه اليوم أنه لا بديل عن هيئة سياسية عسكرية تنفيذية فاعلة ومؤثرة، ولها أيديولوجيا واضحة. فليس المطلوب هو تمثيل مكونات أو تمثيل الشعب السوري بل أن المطلوب اليوم هو قيادة الثورة، وهذا يتطلب فريق عمل واضحاً يُرضى عنه في الداخل، ويكون قادراً على العمل في الداخل، و لا يقوم بسرقة قرار الشعب السوري.

الائتلاف كان أداة لسرقة قرار الشعب السوري، و من يريد أن يساعد الشعب السوري في تحقيق إرادته يجب أن يساعده بإختيار قادته. الشعب السوري دفع نصف مليون شهيد ويستحق أن يختار قيادته بنفسه، وأن يذهب إلى المكان الذي يريده، وبالتالي من يعتبر نفسه صديق الشعب السوري فيجب أن يساعد الشعب السوري لتحقيق إرادة الشعب السوري، و هذا ما سمعته من أمراء السعودية شخصيًا، قالوا نحن نريد منكم أن تكونوا أحرارًا وأن لا تكونوا تابعين لأي دولة. السعودية أكبر من أن تعتمد على أشخاص في سياستها.

أرض نجسة

إذًا، تقولون أنه لا يُمكن اعتبارُ الائتلاف السوري مظلة سياسية للمعارضة المسلحة على أرض الميدان؟

على الإطلاق، الائتلاف أصبح عالةً على الثورة، أداةً لتعطيل الثورة و أدلةً لتبديد الدعم.

هل سمعتم هذا الكلام من عواصم غربية؟

زيارة أحمد الجربا إلى الولايات المتحدة لم تُسفر عن شيء، فجل ما قام به الجربا منذ تسلمه رئاسة الائتلاف هو تخريب رئاسة الأركان، وتخريب المجالس العسكرية، وتفشيل الحكومة، ومن هنا يأتي فشل الائتلاف، وما يجري على الميدان هو أكبر دليل. فكل الكوارث التي تعصف بالثورة السورية ليس سببها فقط نقص الدعم بل سببها الأهم هو نقص الإدارة والتنظيم و المحاسبة، هناك ملايين الدولارات التي بُددت فيما الناس تموت من الجوع، هذه هي الإدارة الفاشلة للائتلاف التي تسببت في فشل الثورة.

لدينا ستة آلاف مقاتل تائه في القلمون، بينما هناك ستة آلاف مقاتل تابع لـ “داعش” يحكمون سوريا. ما الفرق؟ الفرق هو التنظيم، من هنا يُمكن القول أن داعش انتصرت لأنها منظمةٌ، نحن فشلنا في التنظيم، وبالتالي هم من أخذوا الموارد، أخذوا النفط أخذوا الحاضنة الاجتماعية. يجب أن يُحاكم هذا الائتلاف على الكارثة التي تسبب بها بسبب فشله في الإدارة و عدم رغبته في العمل بالداخل السوري، نحن دفعنا خيرة أبنائنا وهُجرت عائلاتُنا، وجاء الإيراني ليحتل سوريا، هذه الكارثة يجب أن يحاسب عليها من هرع لقيادة الثورة، ومن هنا أقول إن كل من ترشح لقيادة الائتلاف كان لديه ارتباط بالنظام السوري و ما زال. فهل من المعقول أن يأتي الجربا بشخصية لرئاسة الائتلاف يتحكم به، لأنه لا يستطيع أن يمدَد لنفسه. وهنا أسأل: هل القرار السوري للبيع؟ هل قرار الشعب السوري للبيع؟ هذه هي الحقيقة المرة التي دفعتني لتقديم استقالتي من الائتلاف، واعتباره أرضًا نجسة.

دعم وليس قيادة

هل تنادون بتشكيل فصيل معارض سوري جديد يكون المظلة السياسية للحراك على أرض الميدان، يأخذ مكان الائتلاف السوري المعارض؟

لنرسم مساراً ونضع أيديولوجيا واضحة حول ما الذي نريده، إذا كنا نريد إسقاط النظام فإنه علينا تشكيل فريق لإسقاط النظام، ولكن إذا كنا نريد التحاور مع النظام فلنشكل فريقًا للتحاور مع النظام.

كنا واضحين عندما قلنا لقوى الثورة الراغبة في إسقاط النظام السوري بالعمل العسكري أن تتحالف مع بعضها، وتشكل جسدًا سياسيًا عسكريًا تنفيذيًا متماسكًا وقائمًا على أيديولوجيا واضحة، لكن هم أرادوا تمثيل مكونات الشعب السوري، وهنا تكمن المشكلة لأن سوريا تعيش حربًا أهلية و المكونات تتبع دولاً مختلفة.

فماذا تريد إذًا؟

أريد أن يكون هناك لون أيديولوجي واضح لأي تجمع سياسي، جسد سياسي عسكري تنفيذي واضح له ارتباطٌ بأرض الميدان وله هدفٌ واضحُ المعالم، فلا بدَ من وجود هدف لهذا الجسد أينما تواجد، إن كان في الأردن أو في تركيا، ومن ثم أن ينتقل إلى الداخل فورًا وأن يتبعه عمل اقتصادي اجتماعي في المناطق المحررة، ليملأ الفراغ ولا يسمح لـ “داعش” أو لغيره بالتمدد. الخيار الصحيح يكمن في العودة إلى الشعب، إلى الشارع، إلى الناس المهجَرين، إلى الناس الذين يقاتلون، أن نسألهم ماذا يريدون، وأن نعمل على تنظيمهم في الميدان، عوضًا من أن نشرف عليهم من الخارج، من الطائرات والفنادق. يجب أن تكون القيادة الحقيقية موجودة على الأرض، تمثل هؤلاء الناس، ونحن نقدم المساعدة، لأن دور المعارضة في الخارج هو تقديم الدعم، أن تكون مجموعات دعم وليست قيادة، فالقيادة يجب أن تكون في الداخل، من صلب الناس المقاتلين، ونحن نقدم لها الدعم السياسي والعسكري والمالي كمعارضة في الخارج، لكن الخطأ الكبير في أن نكون نحن، أي المعارضة المتواجدة في الخارج، أن نكون نحن القيادة.

داعش أو الأسد!

هل يسمح الوقت بحل سياسي أو عسكري للأزمة السورية؟

لا يُمكن حسمُ الصراع اليوم على الأرض بحلول سياسية. بتنا أمام حلين، إما داعش أو بشار الأسد. الشعب السوري وقع بين فكَي كماشة، فلا يوجد خيارٌ آخر سوى إسقاط النظام و إسقاط التطرف، و بالتالي ليس هناك خيارُ مصالحة مع النظام السوري. عن أي مصالحة يتحدث البعض؟ بين داعش والنظام؟ هما متفقان، في النهاية هما يحققان مشروعًا واحدًا، وهو مشروعٌ طائفي، مشروع عنف، مشروع لا يُمكن أن يقوم عليه مجتمعٌ، وبالتالي يعني استمرار الحرب. من هنا، أقول إن الحلَ الوحيد هو انتصارُ الشعب، انتصارُ إرادة الشعب، و إسقاط كل المحرمين و كل عصابات الجريمة بدءًا بنظام بشار الأسد وحزب الله، مرورًا بالنظام الإيراني و نظام المالكي. كل هذه الأنظمة يجب أن تسقط لكي يستطيع الشعب أن يحقق إرادته و يمتصَ قوى التطرف ويضبطها داخل حدوده، ومن ثم يعالج هذه المشكلة عبر الإصلاح الثقافي.

ما العمل إذًا؟

لا بد أولًا من أن نسقط السبب. ما سبب نشوء التطرف والدول الفاشلة؟ الأنظمة التي تسلك سلوك عصابة مثل نظام بشار الأسد ونظام نوري المالكي. المالكي خرَب العراق، والأسد خرب سوريا، وحسن نصر الله خرَب لبنان، ونظام الملالي سيخرب إيران، وستنتشر الفوضى في كل المنطقة، فيما البديل يكمن في الاحتكام لإرادة الشعب، ولكن متى يُستبعد الشعبُ تنشأُ قوى شاذةٌ غريبة عجيبة لا تليق فينا. من هنا، أي مصالحة تعني اتفاق لصين، مجرمين، ومن هنا أعيد التأكيد لا يُمكن أن نبنى الأوطان على توافق مجرمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.