الأطفال … لاجئون سيئون .. أحمد نور الدين قطليش

مخطئُ من يظنُّ أنَ على الأطفال السوريين اللاجئين أن يكونوا مؤدبين ومهذبين ولبقين و”شطار” كما تتكلم المعلمات عن تلاميذهن في المدارس الخاصة ، أو من يعتقد بأن الأطفال “سيئي” التعامل الذين يراهم في مخيمات اللجوء قد كانوا كذلك في بلدهم فيشعر بالنزق منهم ومن أهلهم.
كيف للأطفال الذين تفتحت عيونهم على ثورةٍ وحربٍ لا يمكنُ للكبار إدراكها أن يحافظوا على حِسهم بأعمارهم وبما ما يُتمنى منهم؟!. كيف وقد رأوا القتل والقذائف والمنازل المدمرة والمهجرين وعاشوا تجربة طريق اللجوء المريرة والخطرة إلى المخيمات وانتهى بهم المطاف إلى كرت المفوضية وتحويل اللاجئين إلى طالبين للمعونات فسقطت أمامهم الكثير من القيم الإنسانية التي ما بدأوا بتعلمها في مدارسهم التي أقصوا عنها!
من الطبيعي أن تجد أطفالاً يتسولون منك على باب مخيم الزعتري ويكذبون عليك أيضاً لكنك سترى أيضاً أطفالاً لا يتسولون الناس بل يبيعون ما منّت عليهم المفوضية به أو أطفالاً بعرباتٍ يعملون مقابل قروش قليلة وسيشعرون بالانهم استطاعوا أن يستغلوك لو أنهم قاموا بإيصال حاجيات الناس بدينارٍ ونصف بدلاً من الدينار المتعارف عليه. في المخيمِ ستجد أطفالاً يرمونك بالحجارة ويشتموك بلا سببٍ أو يتعلقون على سيارتك وتشتمهم. لكنك ستجد في المخيم أيضاً أطفالاً يبكون إن حدثتهم عن مدارسهم وأحلامهم. وقد يكونوا ذات الأطفال الذين قامواً برميك بالحجارة وهم أيضاً إنّ حدثتهم ستجد أن لديهم وعياً صقلته الحرب فأصبحوا أكثر قدرة وطاقة من شبابٍ عاشوا في ظروفٍ طبيعية.
خيامٌ وكرفاناتٌ متلاصقة وحماماتٌ عامّة ومدارسُ بدائية في بقعة من الأرضِ تقوم بزيارتها جمعياتٌ ووفود ونجومٌ عالميون . هذا هو المخيم الذي على الأطفال أن يخرجوا منه معافين إنسانياً!. عشرات من الجمعيات المنظمات العاملة في شؤون الطفل منتشرة في بلاد اللجوء ووجودها اسمي فقط مع بضع نشاطات سطحية ليوضع وراء وجودها الكثير من علامات الاستفهام.
ما يزيد عن المليون طفل لاجئ حتى الآن بينهم أزيد من 70 ألف طفل يعيشون في المخيمات بدون أب، بل وأكثر من3700 طفل غير مرافقين بأي من الوالدين. كل هذه الأرقام ينتظرها مستقبلٌ مجهول بالترافق مع حملة كراهيةٍ تجاه الطفل السوري الذي لا ذنب له، وأكثر من ذلك في الأردن وحدها سجلت دائرة الأحوال المدينة ما يزيد عن عشرة آلاف حالة ولادة بين السوريين في سنة 2013 . عداك عن مئات الحالات التي لا تستطيع أن تُسجل لعدم وجودِ أوراقٍ ثبوتية للوالدين. كل هذه الأعداد ستكون مكوناً من مكونات الشعب السوري مستقبلاً ولا توجد أي آلية لبناء صحيٍ لهذا الجيل. بل الإكتفاء بالقول “مساكين… الله يعينهم”..

نقلا عن صحيفة ( زمان الوصل )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.