يثب

استراتيجية للمفاوضات العقيمة

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

مع التأكيد على الإشكالات الجوهرية التي تضمنها بيان ومحددات التفاوض المزمع عقده بين النظام والمعارضة، وكذلك طريقة ومعايير تشكيل وفد المعارضة، والتي حرمته من حقه في اختيار ممثليه الحقيقيين ، وتجاهلت مطالب الشعب بتطبيق العدالة بحق المجرمين ،… ومع اليقين بأن مثل هكذا تفاوض وضمن هكذا قيم ومعايير سوف يفشل … مع ذلك نتمسك بحق الشعب بالرقابة على كل ما يجري ، والذي لا يحتاج موافقة أو ترخيص من أحد … وحتى لا يقال أننا نضع العصي بالعجلات ونستبق الأمور ، ولكي نقطع الطريق على محاولة تمرير الحلول الدولية بالتدليس والتآمر … ندعو لتشكيل هيئة رقابة شعبية واسعة ومفتوحة ، ونعرض النقاط التالية على الرأي العام والمكلفين من قبل الدول بتمثيلنا رغما عنا ، في عملية التفاوض العقيم مع النظام المجرم :

عناصر إجرائية :

لابد من السعي لتشكيل وفد تنفيذي منسجم ومنضبط بعيد عن المحاصصات فحصان طروادة هو هذا الوفد ، ودور الهيئة هو رسم محددات لهذا الوفد التقني ، فالمحاصصة تنحصر فقط في الهيئة التي تقر وثيقة واحدة واضحة متوافق عليها ، ولا يجوز أن تمتد المحاصصات والخلافات للوفد التنفيذي .

لا بد أيضا من توسيع المشاركة الشعبية و من التفاعل الإيجابي للوفد مع هيئات الرقابة الشعبية التي تدافع عن مطالب الشعب السوري وتفرمل أي تنازلات، وتدعم الموقف التفاوضي .

ويجب تجنب تحمل مسؤولية افشال المفاوضات، فالانسحاب بعد القبول وخيم النتائج. فالمطلوب خوض المفاوضات بقوة وتحويلها لمحكمة لهذا النظام .

عناصر تنفيذية :

نظرا للظرف الدولي الذي يميل لصالح الأسد بشكل واضح ، وللرغبة الدولية في القفز فوق مطالب الشعب وتثبيت النظام من أجل الاسراع في محاربة الارهاب كما يدعون ، يتوجب علينا تأجيل النظر في القضايا الأساسية التي لا أمل في التوافق عليها ، بانتظار تغير في ميزان القوى أو انكشاف نية النظام بعدم تقديم أي تنازلات ، وتوضيح مقدار تناغمه مع داعش والارهاب ، أو حدوث انفراط للوفاق الدولي الحالي بسبب تناقض مصالح الدول والتصعيد المتبادل . وبدلا من ذلك يجب التركيز على القضايا الجزئية والإجرائية التي هي المكسب الوحيد المأمول من تفاوض سيفشل حتما ، وحتى لا يكون وقت هذا التفاوض على حساب شعبنا وفرصة للنظام للاستمرار في القتل والتركيع :

    • – يجب طرح مسألة المراقبين الدوليين كأولوية والاسراع في ادخالهم للمناطق المحاصرة التي تتعرض للقصف والتجويع كإجراء لا بد منه لمتابعة بقية الأمور .
    • – التركيز على التفاصيل الانسانية والاغاثية والهدنات المحلية كإنجازات أولية مشجعة لبناء الثقة ، قبل الدخول في الملفات الأكثر تعقيدا والتي ستضع المفاوضات أمام طريق مسدود.
    • – التركيز على استعادة الحاضنة الاجتماعية بأوسع قدر ممكن.
    • – البدء فورا بالمناطق المحاصرة والمبادرات الانسانية المتعلقة بعودة المهجرين ، ووقف العمليات العسكرية بشكل متفرق وجزئي … خاصة في المناطق التي نحن فيها بوضعية حصار ودفاع وتجويع . (حمص حماه ريف دمشق درعا ).
    • – طرح مشاريع لمحاربة داعش من دون شراكة النظام ، ومن دون أن تكون حربنا معها لصالحه أو تحت قيادته .
    • – نظرا لعدم الثقة بجيش النظام وقيادته الحالية وكذلك الأجهزة الأمنية يجب تجنب حل الجيش الحر ، أو دمجه ، واطالة أمد التفاوض حول ذلك ، والبحث عن صيغ تحفظ استقلاله التنظيمي والاداري لأطول فترة ممكنة ، عبر طرح نظام وقانون أساسي للجيش والقوات المسلحة يفصل بين الجيش النظامي، والجيش الشعبي ( الحرس الوطني ) . والمطالبة بالغاء التجنيد الالزامي بكل صوره . بانتظار وضع دستور جديد ينظم وضع القوات المسلحة ودورها .
    • – إذا كانت هناك جدية دولية في فرض حل ، فالحد الأدنى هو القبول المشروط بسلطة انتقالية من دون الأسد … ثم يجري بعدها تعديل بنية هذه السلطة بعمل داخلي ، وبشراكة مجتمعية… ومن دون الغاء العدالة .
    • – تجنب طرح مسائل جوهرية دستورية و عدم التورط بالموافقة على صيغ ملزمة للشعب يثبتها مجلس الأمن . بانتظار تمكين الشعب من لعب دوره في صياغتها … فالمطلوب هو اعلان دستوري مؤقت ينظم المرحلة الانتقالية وليس وضع دستور دائم ملزم في هذا الظرف .
    • – وتجنب طرح مسائل تفجر المفاوضات وتعطي العذر للنظام لكي ينسحب ويحملنا المسؤولية ،
    • – العامل الحاسم الذي يحصن مطالب الثورة هو وجود الشعب على الأرض … هذا يجب أن يكون هدفنا الأول والأهم أثناء عملية التفاوض .

ملف محاربة الارهاب :

سيركز المجتمع الدولي والنظام على هذا الملف كأولوية لتجنب بحث المسائل الأخرى التي سيماطل فيها ، ولذلك يجب أن نواجهه عبر :

  • – الدخول في موضوع تعريف الإرهاب من دون معايير مزدوجة : إرهاب النظام ، المنظمات الحليفة ، إرهاب الدول المتدخلة … الأسباب التي تهيئ الأرضية لنمو التطرف ….
  • – غياب العدالة وتعطيل المحكمة الدولية ، وحق المدنيين في الحماية ، واستخدام أسلحة الدمار الشامل والجرائم ضد الانسانية …. وهذا ملف قوي ومحرج جدا للمجتمع الدولي يجب النشاط فيه وعليه بمشاركة شعبية واسعة بحيث يتحول لمحكمة للنظام وادانة للمجتمع الدولي .
  • – الربط بين كل المقاتلين الأجانب على قدم سواء (داعش وبقية الميليشيات … )
  • – الربط التفاوضي بين النصرة وشبيحة النظام والبي واي دي وحزب الله …
  • – رفض تعريف الارهاب من باب أيديولوجي ، وربطه بالسلوك الفعلي .. حيث نرفض تصنيف المجموعات الجهادية السلفية كإرهابية طالما هي تدافع عن مجتمعها .
  • – رفض محاربة الارهاب باعتماد سياسة الأرض المحروقة … واستبدالها يسياسة تغيير الأرضية والتفكيك .
  • – السعي لكسب الوقت الذي يسمح للمنظمات الجهادية بكسر حدة الاجتياح الروسي الإيراني ، ونقل جسد المنظمات المصنفة ارهابية لصفوف الجيش الحر .
  • – عدم التفكير بالخروج من التفاوض قبل توضح خيار آخر بديل لاسقاط النظام … لأنه في كل مرة نخرج من التفاوض نعود له بسقف أدنى وفريق أكثر تقربا من النظام …

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.