لم يجلب التدخل الروسي في سوريا، الذي بدأ في 30 سبتمبر/ أيلول 2015، أي قبل نحو 8 سنوات، إلا الدمار والاعتقال والقتل والتشريد والتهجير لأبناء المناطق المعارضة، والفقر والعوز والغلاء الفاحش لمناطق سيطرة النظام، ولم ينجح هذا التدخل الروسي سوى في الحفاظ على رئيس النظام بشار الأسد في كرسي الحكم، بعدما قدمت روسيا له مختلف أشكال الدعم سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، ووقفت ضد أي إدانة دولية له في مجلس الأمن، وعملت على شلل مجلس الأمن تجاه مساءلة النظام السوري عن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها، وذلك مِن خلال استخدام الفيتو 18 مرة، منها 4 استُخدمت قبل التدخل العسكري، و14 مرة استُخدمت بعد تدخلها العسكري المباشر في سوريا عام 2015، وكل ذلك لم يكن من دون مقابل، بل كان لقاء توقيع عقود طويلة الأجل مع الروس، يتمكنوا بموجبها من الاحتفاظ بقواعد دائمة لهم في سوريا ووضع اليد على المرافق الاقتصادية الحيوية، والثروات الطبيعية، والتحكم بالسيادة السورية مقابل بقاء بشار الأسد في واجهة السلطة ليشرعن وجودهم في سوريا.
ومنذ ذلك التاريخ خسرت سوريا نحو 6954 من أبنائها المدنيين، بينهم 2046 طفلاً و1246 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية على يد هذه القوات.
وتقول منظمة الخوذ البيضاء، في تقريرها الأخير، إن التدخل العسكري الروسي المباشر لدعم نظام الأسد في حربه على السوريين لم يكن مجرد دعم عسكري لحليف، بل كان عدواناً على سوريا وتدميراً لبنيتها التحتية وإجهاضاً لمشروع التغيير فيها، وكان من الواضح أن هدف روسيا الأهم هو عدم السماح بإنتاج أي بديل عن نظام الأسد، مدفوعة بمصالح جيوسياسية.
و ماتزال الاعتداءات العسكرية الروسية المباشرة في سوريا وانتهاكاتها للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني مستمرة للعام الثامن على التوالي، بالرغم من اتفاق وقف إطلاق النار المعلن في الخامس من اّذار عام 2020.
وأدت الهجمات الروسية البالغ عددها حسب توثيق منظمة الدفاع المدني السوري 5741 هجوماً ـ وهذه ليست كل الهجمات إنما فقط ما استجابت له الفرق، أدت لمقتل 4072 مدنياً من ضمنهم 1165 طفلاً و754 امرأة، و 8426 جريحاً في صفوف المدنيين، من ضمنهم 2154 طفلاً و1709 امرأة.
وشهد عام 2016 العدد الأكبر من القتلى والجرحى على يد القوات الروسية (1,076 قتيلاً) و(2611 جريحاً)، تلاه عام 2018 (1076 قتيلاً) و(1707 جريحاً). كما فقدت فرق الدفاع المدني السوري أرواح 49 متطوعاً وجرح 163 آخرين على يد القوات الروسية. واستجابت فرق الدفاع المدني السوري لـ 265 مجزرة (كل هجوم خلف 5 قتلى وأكثر) ارتكبتها القوات الروسية منذ بدء تدخلها العسكري المباشر لصالح قوات النظام. وكانت الهجمات على الأسواق الشعبية من الهجمات الأكثر دموية إذ استهدف 54 هجوماً الأسواق الشعبية المزدحمة، ممّا أسفر عن مقتل 356 شخصاً، من بينهم 78 طفلاً و53 امرأة. وتركزت الهجمات الروسية على مراكز المدن ومنازل المدنيين والمرافق الحيوية، بهدف تهجير المدنيين وتدمير كافة أشكال الحياة التي تدعم استقرارهم، حيث استهدف 3837 هجوماً منازل المدنيين أسفرت عن مقتل 3221 مدنياً، بينهم 1001 طفلاً و651 امرأة، تلتها الاستهدافات للأراضي الزراعية، 981 هجوماً أسفرت عن مقتل 102 شخصاً، بينهم 27 طفل و14 امرأة، ثم الطرق 336 هجوماً أسفرت عن مقتل 123 شخصاً، بينهم 22 طفلاً و10 نساء.
كما استهدفت الهجمات الروسية بشكل ممنهج المرافق المدنية العامة والمنشآت الحيوية التي تنص كافة المواثيق الدولية على تحييدها في النزاعات، حيث تعرضت المشافي لـ 70 هجوماً أدت لخروج معظمها من الخدمة بعد تدمير المباني والمعدات، على الرغم من أن إحداثيات معظم هذه المواقع هي ضمن مناطق يجري بها فض الاشتباك بين الأمم المتحدة وروسيا، حيث أدت الاعتداءات على المشافي إلى مقتل 42 مدنياً وجرح 145 آخرين. وطال الهجوم، 72 مرة الغابات، و64 هجوماً على مراكز وفرق الدفاع المدني السوري، و49 هجوماً استهدف المباني العامة، و46 هجوماً على المدارس، كما استهدفت الاعتداءات الروسية المساجد والمخابز ومخيمات النازحين وغيرها من المنشآت العامة والحيوية. ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقريرها السنوي الثامن حول أبرز انتهاكات القوات الروسية مقتل 6954 مدنياً بينهم 2046 طفلاً و1246 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية على يد هذه القوات. وأشار التقرير -الذي جاء في 26 صفحة- إلى وقوف روسيا ضد إرادة التغيير الديمقراطي في سوريا منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي، مستخدمةً تبريرات متنوعة وفي بعض الأحيان متناقضة.
كما وثق التقرير قتل القوات الروسية 70 من الكوادر الطبية، بينهم 12 سيدة، جلهم في محافظة حلب، وكانت الحصيلة الأعلى لهؤلاء الضحايا في العام الأول، إضافةً إلى مقتل 44 من كوادر الدفاع المدني، نصفهم في محافظة إدلب.
كما سجل ما لا يقل عن 237 هجوماً بذخائر عنقودية، إضافةً إلى ما لا يقل عن 125 هجوماً بأسلحة حارقة، شنَّتها القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015.
القدس العربي