يثب

التفاوض على ألسنة النار

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

ما جرى بالأمس هو جزء لا يتجزأ من عملية التفاوض التي تجري ضمن مسار جنيف ثم فيينا،  وتبني الروس والنظام لاستهداف زهران (حتى لو كان فيلما مسرحيا ) فهو رسالة واضحة تقول سنحرق أوراق السعودية فوق الأرض حتى لو صنفت معتدلة، و ذلك قبل اعلان وقف اطلاق النار المحتمل ، أما أوراق قطر وتركيا فهي محترقة كونها مصنفة ارهابية أساسا ووقف إطلاق النار لن يشملها أصلا ، فالطريقة الروسية المعتادة في التفاوض ، هي طريقة المدحلة : القضم العسكري المتوازي مع القضم السياسي ، حيث تستخدم العملية السياسية لتسهيل العملية العسكرية وفي خدمتها فقط ، فالروس يعتمدون سياسة كأس الفودكا التي تعني استخدام القوة الرعناء حتى النهاية من دون تعقل، ولا يفهمون لغة المصالح بل لغة القوة فقط . فالقوة هي وسيلتهم التاريخية لتحقيق المصالح كأمة عسكرية عاشت على احتلال واستغلال واستعمار غيرها لتعويض طبيعتها وبنيتها المتجمدة.

منذ جنيف وحتى الآن تسير (عملية السلام) الدولي عبر تصعيد القتل والقصف والتدمير والتهجير … وما نخشاه أن تكون الجهود الجديدة المبذولة هي مجرد عملية تسريع وتصعيد عسكري      أخرى تنتهي بالمزيد من الدمار أو ربما بالدخول المباشر في المواجهات . فالطرف المناصر للنظام اضطر للدخول بقواته بينما الطرف الثاني ما يزال يكتفي بتقديم دعم محدود لمناصريه ، ولو فكرت روسيا بكسر التوازن العسكري وفقا لطريقتها في التفاوض ، فهل ستدفع الدول بالمزيد من الدعم العسكري للمعارضة ؟؟؟ هنا هل سيكتفي الروسي بهذا القدر من التورط أم سيذهب أبعد من ذلك لاستخدام أسلحة محظورة وارتكاب جرائم حرب وإبادة ، وعندها تجد الدول نفسها مضطرة لأن ترسل جيوشها للمواجهة المباشرة … أي تنتهي جهود السلام المزعوم القائم على نفاق بحرب اقليمية وعالمية … تشير كل التطورات أننا نسير نحوها لكونها قدر كل مسار شيطاني قائم على باطل… وبالنظرا لتغييب العدالة والحقوق واعتماد لغة البطش والقوة التي تنقلب لعنة على العالم الذي تلطخت أيديه بدماء ضحايا الغطرسة والجريمة المسكوت عنها ….

لا يجود رد مقبول على ما يجري في سوريا سوى دخول الجيوش العربية لدمشق ضمن معاهدة الدفاع العربي المشترك … وطرد جيوش الاحتلال وعصابات الاجرام الإيرانية والروسية … ومن دون ذلك وقبله لن يكون مسار السلام سوى مسار الاستسلام لغطرسة القوة التي لن تتوقف بالتخاذل ، والتي تستخدم عملية السلام لتخدير خصمها فقط … فالحق منتصر لكن ليس بالاستسلام … وإن لم تنصروه يستبدلكم الله بأقوام غيركم لينصروه … عملا بقوله تعالى : إن الباطل كان زهوقا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.