ماذا يربح الممانعون من بقاء الأسد وضياع سوريا؟

سؤال ساذج، في زمن التدمير الذاتي الممنهج: ماذا يربح الممانِعون والأسديون العرب، إذا بقيَ بشار الأسد رئيساً، وسوريا خارج كل المعادلات، ودورها أن تكون «ملعباً»، تجرى فيه «لعبة» أطرافها محلية واقليمية ودولية وقرارها ليس في دمشق؟

بشار الأسد سيترشّح للرئاسة، وسيفوز حُكماً بأغلبية ساحقة. «حاضنته الشعبية» لن تقبل منافساً له. فوزه المؤكّد سيكون بنسبة مئة في المئة.. أمّا الحرب، فإنّها في أفضل السيناريوهات والرؤى، ستستمر حرب استنزاف، الدولة فيها ناقصة ومنتقصة. الأهم والمؤلم، أنّ الخسائر في البشر والحجر ستزداد يومياً.

خسائر سوريا الكارثية لا تعني شيئاً لمَن يريدون الأسد رئيساً للأبد. أكثر من 150 ألف قتيل وعشرات الآلاف من المفقودين أو الأموات الأحياء، ومئات الآلاف من الجرحى والمعوقين، بينهم 8 آلاف طفل و5500 امرأة، وعشرة ملايين نازح ولاجئ من أصل 25 مليون نسمة هم سكان سوريا. سوريا خسرت 37 سنة من التنمية. 38 في المئة من الطلاب تسرّبوا من التعليم، كل سنة قتال وحروب تتراجع سوريا 8 سنوات من التنمية. الخسائر الإجمالية قرابة 200 مليار دولار. هذه الأرقام لمؤسّسات حيادية. تفاصيل كثيرة حول عدد الوحدات السكنية والمدارس المدمّرة. هذه الأرقام من الماضي، لأنّها سترتفع يومياً.

سؤال ساذج آخر من وحي كل هذه الوقائع؛ إذا كانت سوريا مدمّرة، وهي ستدمّر أكثر فأكثر، ماذا يستفيد منها الممانِعون والأسديون؟ لا يمكن لمثل سوريا الملعب أن تضيف شيئاً إلى الممانعة أكثر من عنوان لصندوق بريدي دموي. ماذا يمكن لمثل سوريا الملعب أن تساند المقاومة؟ إذا اعتدت إسرائيل على لبنان، ماذا يمكن أن تقدم سوريا للمقاومة من المساندة والدعم؟ سوريا أرض عراء عسكرياً وشعبياً أمام إسرائيل؟ بوضوح شديد، في أي حرب قادمة في لبنان فإنّ ظهر المقاومة سيكون مكشوفاً. ليس لأنّ سوريا الأسد كانت تهدّد إسرائيل، ولكن لأنّها كانت عنصراً شديد التعقيد من معادلة الأمن والاستقرار لإسرائيل.

التوأم السياسي السوري اللبناني، تجمعهما وحدة المصير. حتى الآن لبنان تحت «مظلة» اقليمية دولية، تحميه إلى حدّ ما من التفجير القاتل والعودة به «ملعباً». وفي أحسن الأحوال «علبة بريد» مليئة بـ»الرسائل» المتفجرة. لا حاجة الى شرح تردّدات هذا الوضع. تكفي قراءة ما جرى في طرابلس وتحوّلها بين ليلة وضحاها من خطوط تماس، إلى ساحات للتلاقي والتباكي الشعبي على «الجيرة». لا يوجد سحر في كل ذلك، يوجد «روموت كونترول» فاعل ومنتج. لكن ذلك لا يلغي أنّ لبنان في خطر نتيجة للحرب في سوريا. اليوم يوجد مليون سوري نازح رسمياً. ربما يوجد أكثر. لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي تساءل عن حق: ماذا نفعل في فرنسا إذا زحف علينا عشرون مليون لاجئ، أي ما يوازي ربع الفرنسيين في سنة أو أكثر؟ الأخطر، أنّ المليون لاجئ يغيّرون لبنان ديموغرافياً، وبواقعية فجّة، المليون سوري هم سُنَّة. ماذا يفعل «حزب الله» وغيره إذا انفجرت الحرب المذهبية أمام هذا الخزان البشري خصوصاً إذا ما أضيف إليه الخزان البشري الفلسطيني؟ هذا الخطر الواقعي هو الذي يلزم الجميع من لبنانيين وقوى خارجية معنية بالتهدئة، وليس لأنّ العقل عاد إليهم.

الرئيس الأميركي باراك أوباما، لن يفعل شيئاً لتغيير موازين القوى في سوريا. من مصلحة نهجه والولايات المتحدة الأميركية أن تستمر حرب الاستنزاف في سوريا. الجميع يُستنزفون ويخسرون وهو ومعه الولايات المتحدة الأميركية يربحان. ليس بالضرورة إذا انتُخب جمهوري بعد عامين للرئاسة، أن يتغيّر «النهج الأوبامي».

التغيرات الكبيرة بحاجة الى الوقت. ليس بالضرورة أن تكون النتيجة النهائية، هي التي كانت المرسومة في البداية، خصوصاً إذا كان اللاعبون من نوع بشار الأسد الذي يُنهَى عندما ينتهي دوره.

أسعد حيدر – المستقبل 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.