«حرب استنزاف» في القلمون.. والمعارضة السورية تتوعد بمعركة طويلة

قالت مصادر المعارضة السورية في القلمون بريف دمشق الشمالي لـ«الشرق الأوسط»، إن قواتها أدخلت القوات الحكومية السورية في حرب استنزاف، «بهدف تكبيدها خسائر كبيرة»، وذلك بعد استعادة قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد السيطرة على مدن مهمة في القلمون، أبرزها يبرود ورنكوس، في حين تتواصل الاشتباكات في بلدات صغيرة محاذية لها.

بموازاة ذلك، تمكنت قوات المعارضة أمس من استعادة السيطرة على مدينة البوكمال الحدودية مع العراق شرق سوريا، بعد طرد مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش» منها، في حين اشتدت الاشتباكات في حلب، وسط معلومات عن اتجاه المعارضة لضرب خطوط الإمداد إلى داخل مدينة حلب، بعد إحراز تقدم فيها.

وبعد سيطرة القوات الحكومية على رنكوس التي كان يعتبرها المعارضون بحكم «الساقطة عسكريا»، تحاول التقدم باتجاه مرصد صيدنايا لتتكشف أمامها جميع نقاط تحرك المعارضة في سهل رنكوس. والمرصد المذكور، هو أعلى تلة استراتيجية مشرفة على مناطق واسعة في المنطقة الوسط بين يبرود ورنكوس. ويرى المعارضون أن «استعجال القوات النظامية بالسيطرة على رنكوس، الهدف منه إطباق (فكي كماشتها) على المعارضة في السهل من جهتي يبرود ورنكوس».

وأكد مدير المكتب الإعلامي في القلمون عامر القلموني لـ«الشرق الأوسط» أن جبهتي ريف رنكوس وبخعة الواقعة غرب يبرود «تعدان الأعنف في القلمون»، مشيرا إلى تحقيق قوات المعارضة «انتصارات على القوات النظامية خلال اليومين الماضيين، أهمها تدمير أربع دبابات وناقلة جند نظامية، وإصابة طائرتي ميغ»، من غير أن يؤكد إسقاطهما.

وأوضح القلموني أن استراتيجية القتال في القلمون «تتحول إلى حرب عصابات وكمائن، وتحديدا في بخعة (وهي بلدة صغيرة تقع غرب يبرود)، حيث يعمد المعارضون إلى استنزاف القوات النظامية بشريا». ولفت إلى أن 40 مقاتلا من قوات الدفاع الوطني «قتلوا خلال هذا الأسبوع في كمائن في بخعة، نظرا لعدم خبرتهم في حرب العصابات».

وأخلى مقاتلو حزب الله مواقعهم في يبرود والمناطق المحيطة فيها، كما تقول مصادر المعارضة، بعد استعادة السيطرة عليها، مشيرة إلى أن مقاتلي الحزب «يقتصر دورهم على قيادة بعض الجبهات، وذلك بعد السيطرة على رنكوس»، ولفتت إلى مشاركة عدد قليل من حزب الله في معارك مرصد صيدنايا، وسط معلومات عن «تحركات في الجهة السورية المحاذية للحدود اللبنانية القريبة من جرود بريتال اللبنانية».

ويقول القلموني لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلي المعارضة في المنطقة الممتدة من سهل رنكوس إلى بخعة ومعلولا «عددهم كبير، كون المنطقة باتت تجمعا لهم بعد انسحابهم من رنكوس وقبلها معلولا وفليطا»، مشيرا إلى أن وجودهم في سهل رنكوس «سيسهل عملهم، بعدما اتخذوا قرارا بانتهاج أسلوب حرب العصابات». وأضاف: «النظام سيتعب كثيرا في القلمون نتيجة حرب استنزاف طويلة خطط لها مقاتلو المعارضة، ولعل المعركة في بخعة كانت أبرز نموذج»، مؤكدا أن «الأعداد الكبيرة من الثوار يتجهون إلى تحويل المعركة إلى حرب عصابات بعد إخلاء مواقعهم في رنكوس».

وكانت القوات النظامية مدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني استعادت السيطرة على رنكوس الحدودية مع لبنان، الأربعاء الماضي، وتتجه إلى استكمال السيطرة على بلدات صغيرة حدودية تقع بين رنكوس ويبرود، أهمها عسال الورد التي تتهم بأنها موقع لإطلاق الصواريخ باتجاه مناطق نفوذ حزب الله في بعلبك (شرق لبنان).

بموازاة ذلك، تواصل القصف على الزبداني، لليوم العاشر على التوالي، حيث استهدفت القوات الحكومية أحياء المدينة بالقذائف المدفعية والغارات الجوية. وأفاد ناشطون بسقوط براميل متفجرة في أحياء المدينة، فضلا عن استهداف أحياء المحطة والشلاح وطريق سرغايا وسط الزبداني بالرشاشات المدفعية والقذائف. وتكثفت الحملة على الزبداني بعد أنباء عن لجوء مقاتلين معارضين إليها فروا من جبهة رنكوس باتجاه المدينة.

إلى ذلك، أكدت مصادر المعارضة في دير الزور لـ«الشرق الأوسط» أن مقاتلي جبهة النصرة والجيش السوري الحر استعادوا السيطرة على مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، مشيرة إلى «طرد مقاتلي داعش من المنطقة وتمشيطها». وأشارت المصادر إلى إلقاء القبض على 6 عناصر من «داعش» كانوا موجودين في أحياء البوكمال.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بصد جبهة النصرة وكتائب إسلامية هجوم جهاديي الدولة الإسلامية على مدينة البوكمال، إثر معارك أدت إلى مقتل نحو 90 عنصرا من الطرفين. وانسحب عناصر «داعش» إلى «محطة (تي تو) النفطية» الواقعة في البادية (الصحراء)، على مسافة نحو 60 كيلومترا إلى الجنوب الغربي، بعدما استقدمت جبهة النصرة «تعزيزات إلى البوكمال من مناطق أخرى في دير الزور»، ما مكنها من صد الهجوم.

وقالت مصادر المعارضة في دير الزور لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلي الحر «اكتشفوا مقبرة جماعية في حقل الجفرة النفطي الذي كانت داعش تسيطر عليه قبل طردها منه قبل عشرة أيام»، فيما تواصل القتال على محاور أخرى، وأهمها منطقة مركدة الحدودية مع محافظة الحسكة.

كما اشتبك مقاتلو الحر مع القوات النظامية التي حاولت التقدم بشكل مفاجئ في القطاع الجنوبي لمطار دير الزور حيث تتواصل المعارك منذ شهرين.

وفي حلب، أكدت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط» أن طريق الإمداد الوحيد للنظام الواصل لقطعه العسكرية غرب حلب، «قطعه المقاتلون المعارضون بعدما شنوا هجوما مفاجئا على مواقع القوات النظامية فيه، بهدف قطع خطوط الإمداد عن النظام إلى الجبهات في الداخل، وأهمها جبهة مبنى الأمن العسكري». وأفاد المرصد بمقتل 12 مقاتلا معارضا، وتسعة عناصر من القوات النظامية والمسلحين الموالين لها، في هجوم شنه مقاتلون معارضون في منطقة الراموسة في جنوب المدينة.

في المقابل، أكدت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) استهداف القوات الحكومية «تجمعات الإرهابيين في المنطقة الصناعية ومحيط السجن المركزي وكفر حمرة وحريتان ودارة عزة والأتارب وبني زيد والليرمون وأفريكانو ومعارة الأرتيق والمنصورة وعزان وكفر داعل ومحيط كويرس والجديدة بحلب وريفها»، مشيرة إلى قصف مواقع تجمع المعارضة في خان العسل وجمعية الصحافيين وحي الراشدين.

وفي سياق متصل، عبرت قافلة من الشاحنات التي أرسلتها ثلاثون منظمة إسلامية الحدود التركية السورية حاملة أكثر من أربعة أطنان من المساعدات الإنسانية للمدنيين الذين يعانون من الحرب في سوريا وفق ما أعلنت المؤسسة التركية لحقوق الإنسان.

الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.