آخر معاقل المعارضة بالقلمون يختبر «المصالحة» مع النظام.. و27 قتيلا في قصف حلب

ارتفع عدد قتلى القصف الجوي النظامي على مدينة الأتارب في ريف حلب، أمس، إلى أكثر من 27 قتيلا، بينهم مواطنتان وثلاثة أطفال، كما أفاد ناشطون، في حين دخلت مدينة الزبداني في ريف دمشق، وهي آخر معاقل المعارضة في القلمون، مسار المصالحة مع النظام، ببدء «الفترة التجريبية لمدة ستة أيام»، قبل دخول التسوية حيز التنفيذ.

وبهذه التسوية، تكون القوات الحكومية استعادت السيطرة على كامل مدن وبلدات القلمون بريف دمشق الشمالي، وسائر المناطق الحدودية مع لبنان، في وقت تتواصل فيه عمليات كرّ وفرّ تمارسها قوات المعارضة التي تتخذ من بعض الجيوب في الجبال مقرات لها.

وأكد القيادي السوري المعارض كمال اللبواني، الذي ينحدر من بلدة الزبداني، لـ«الشرق الأوسط» أن فعاليات المدينة «توصلت إلى اتفاق مع النظام على المصالحة»، مشيرا إلى أن التسوية «تخضع لفترة تجريبية تبلغ ستة أيام في بعض مناطق المدينة، على أن تدخل التسوية حيز التنفيذ بعد انقضاء هذه المدة وتشمل سائر أركان المدينة». وأشار إلى أن المسلحين المعارضين في الزبداني «لا يتخطى عددهم المائتين، بعد انسحاب عدد كبير منهم إلى مناطق أخرى، ولا يحملون إلا أسلحة فردية»، لافتا إلى أن التسوية «بدأت أمس (الأول) بتسليم 40 مسلحا من المدينة كانوا يقيمون في بلدة التل القريبة، أنفسهم إلى القوات الحكومية».

وتسعى القوات النظامية لتحقيق تسويات مع بلدات محاصرة أو ساقطة عسكريا، تجنبا للدخول في معركة، كما تعد الزبداني آخر المدن التي تخضع أحياء منها لسيطرة قوات المعارضة في منطقة القلمون التي أطلق النظام معركة السيطرة عليها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسيطر على أهم مدنها قارة والنبك ودير عطية ويبرود ورنكوس ومعلولا، إضافة إلى البلدات الحدودية مع لبنان.

وأوضح اللبواني أن الحديث عن التسوية التي رعتها فعاليات المدينة، «بدأ قبل عام ونصف العام بهدف تجنيب المدينة الدمار الكامل»، لكن النظام السوري «كان ينقض كل اتفاق يتوصل إليه الطرفان بهدف الحصول على شروط أكثر». وأشار إلى أن شروط النظام «بدأت من وضع نقاط أمنية صغيرة في المدينة التي كانت خاضعة بأكملها لسيطرة المعارضة، قبل أن يصل عدد النقاط الأمنية والعسكرية فيها إلى 155 قبل أسبوع من التوصل إلى الاتفاق»، معتبرا أن النظام «يتبع سياسة القضم التدريجي عبر المصالحات». وإذ أشار إلى أن التسوية «تقضي بتسليم المقاتلين أنفسهم (بهدف تسوية أوضاعهم) وتسليم الأسلحة الثقيلة»، قال اللبواني إن ذلك «لا يعني تحقيق الاستقرار في المدينة، لأن الخلايا السرية للمعارضة ستواصل عملها بتنفيذ عمليات بسيطة». وتتفق مصادر المعارضة في القلمون مع نظرة اللبواني بأن المعارك «لم تنتهِ بشكل كامل»، نظرا لوجود المعارضين في الجبال، وينطلقون لتنفيذ عمليات بسيطة «مثل العملية التي نفذت الثلاثاء الماضي في رنكوس». وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن أهم المجموعات المقاتلة في المدينة، هي «كتيبة شهداء الزبداني» و«كتيبة حمزة بن عبد المطلب» التابعة لـ«أحرار الشام» التي انضمت للجبهة الإسلامية، مشيرة إلى أن أعداد هؤلاء المقاتلين «ليست كبيرة»، كما أنهم «لا يمتلكون أسلحة نوعية». وأوضحت المصادر أن أضخم الأسلحة بحوزتهم هي «مدافع الهاون بذخائر محلية الصنع»، و«مدافع رشاشة من عيار 14.5 و23، إضافة إلى مدافع الشيلكا». وتنظر المصادر إلى أن التسليم «سيكون طبيعيا نظرا لسقوط المدينة عسكريا حيث تحيط بها مواقع القوات النظامية، وتطل عليها من الغرب الحدود اللبنانية التي تعد مواقع نفوذ لحزب الله اللبناني» الذي يقاتل إلى جانب القوات الحكومية السورية.

ووفق هذا التقدير، رأت المصادر أن الزبداني «أسهل من أن تصمد»، إذ «تسيطر القوات النظامية على بعض الأحياء»، بينما تتسع دائرة المصالحات في ريف دمشق، وكان أهمها «حفير الفوقا التي رفعت العلم النظامي أول من أمس، ورنكوس البلد والتل». وتأتي تلك المصالحات بعد حصار مطبق تمارسه القوات الحكومية على البلدات المعارضة، بدأت في المعضمية بجنوب دمشق، واتسعت إلى برزة شرق العاصمة.

وأرجع اللبواني في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أسباب هذه التسويات إلى «قطع الدعم المتعمد عن الثوار من قبل بعض دول أصدقاء الشعب السوري لهدف سياسي»، ما أدى «بعد عام إلى تآكل الحركة العسكرية»، معتبرا أن ذلك «جزء من مؤامرة على الثورة». وقال إن المصالحات «هي سبيل للقتل وإذلال السوريين لأنه لا مصالحة حقيقية مع نظام يعود ليعتقل الثوار من جديد».

ورأى القيادي السوري المعارض أن «النظام يمارس عقوبة جماعية على المدنيين عبر استخدام البراميل المتفجرة، ما ساهم في نجاحه بإخضاع الناس عبر سياسة التجويع والحصار والقتل». وأضاف: «اسأل الجهات الداعمة منذ أكثر من عام لإمداد المعارضة بالسلاح والذخيرة، لكنهم يرفضون»، مشيرا إلى أن إحدى المجموعات المقاتلة «كان يبلغ عددها 63 شخصا، قبل أن يقتل معظمهم ولم يسلم منهم إلا 15».

وبينما تتواصل الاشتباكات بين القوات النظامية وقوات المعارضة في بلدة المليحة ومحيطها بريف دمشق، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 27 شخصا على الأقل بينهم ثلاثة أطفال في غارة جوية استهدفت بلدة الأتارب في ريف حلب.

وبث ناشطون أشرطة فيديو تبين مشاهد الفوضى بعد القصف، وتظهر فيها جثث وسط أكوام من الحطام. وعزا أحد الناشطين من مدينة حلب واسمه أبو عمر «ارتفاع عدد القتلى بين المدنيين لأن القصف استهدف السوق» التي عادة ما تكون مكتظة. وأضاف أن القوات النظامية تستهدف المدنيين «الذين يؤيدون الثورة».

الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.