دخلوا عنوة إلى المنزل قبل بزوغ الشمس… وقلبوه رأسا على عقب.. سحبوه من فراشه وأوقفوه أمام ذلك الملثم والضابط المسؤول عن المداهمات…’لأ سيدي مو هاد.. بدنا أخوه’…. إقتادوه إلى السيارة مكبلا رهن الإعتقال حتى يسلم أخاه نفسه.
‘العواينية’ ، (الجواسيس) كما هو متعارف على تسميتهم…. يسببون أرقا للناس و للنشطاء خاصة…إذ أن الكثير منهم من يدعي الإنخراط في العمل الثوري ليصطاد الناشطين ويسلمهم لقمة سائغة لقوات الأمن… مقابل قروش معدودة أو امتيازات يحظى بها بين الناس….أو حتى نصيب من السرقات التي يقوم بها رجال الأمن.
في بداية الثورة السورية كان من ‘العواينية’ من يمشى ملثما مع الأمن خلال الإقتحامات يدلهم على المنازل ومن فيها وعلى تحركات من اشتبه فيهم من النشطاء….ومنهم من يختلط بالناس يدس الأفكار و الآراء المؤيدة …ويقوم بتسليم الناس للأمن بموجب ردة فعلهم… حتى أن أحدهم ممن تسلل إلى صفوف الشباب الثائر وقام بتنظيم مظاهرة كبيرة متفقا مع الأمن على الساعة والمكان ليقوم باعتقال أكبر عدد ممكن من المشاركين.
أكثر ما يثير الحنق أن كثير من العواينية يكونون من أولاد المنطقة نفسها… فحسب إفادة أحد النشطاء فإن أحد العواينية ممن تمت تصفيتهم كان ينقل تحركات أولاد منطقته كاملة وجميع تفاصيل حياتهم مما سبب في اعتقال عشرات الشباب من الحي… وإغلاق جميع منافذ المنطقة على المناطق المجاورة تحسبا لهروب الناشطين في حال المداهمات.
كما أفاد الناشط أن هذا ‘العوايني’ كان من عائلة مرموقة في المنطقة ففي البداية لم يشك به أحد خاصة وأن عددا من أولاد إخوته كانوا في صفوف الجيش الحر….. ولكن بعدما كثرت الإعتقالات والمداهمات المباغتة وشوهد أكثر من مرة مع جنود النظام تمت تصفيته بعدما تم التأكد منه.
وأوضح أن للنساء والأولاد دور كبير بهذه الأعمال… بالتجسس على الناشطين سواء في المجال الإغاثي أو العسكري حيث تعرض الكثيرون للأذى بعد إعطاء (العواينية ) من النساء معلومات دقيقة ومهمة عن الناشطين و عن المناطق.
وباعتبار أن النساء لهن شيء من الخصوصية في التعامل فقد كان من السهل عليهن التحرك بسهولة بين الأحياء ومعرفة تفاصيل دقيقة عنها…. كما كان من الصعب على النشطاء التعرف مباشرة عليهن.
كما بين أنه عند حدوث مجزرة داريا تم القبض على عدد من النساء قمن بتوزيع شرائح صغيرة على البيوت .. لتكون أهدافا لصواريخ النظام.
(أبو عدنان) أحد قادة الجيش الحر في ريف دمشق أوضح ان العواينية ممن جندهم النظام الذين اندسوا في التشكيلات العسكرية كانوا سببا في اعتقال الكثير من الثوار والقيادات وتضرر عائلات بعض المجاهدين.
وبين أنه كان لـهم دور في انسحاب الجيش الحر من إحدى المناطق التي كانت تحت سيطرته في ريف العاصمة. ‘كان بين صفوف الثوار شاب لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره جنده النظام للتجسس علينا… فكان يفيدهم بمعلومات عن العدد والتشكيل وتوضع العناصر والعبوات كما كان يقطع أسلاك العبوات التي زرعناها.. بدون علم أحد مما أدى لدخول الجيش وانسحاب الجيش الحر…. في المقابل فقد أصيب هذا الشاب عند دخول الجيش النظامي للمنطقة وحاول الهرب… فكشف بغبائه نفسه… وأخبر أحد الثوار ما كان يصنع وكيف أنه كان سببا في أذية من كانوا يعاملونه كأخ لهم… ومن بينهم أحد أفراد عائلته… فكان مصيره الإعدام بعد أن تسبب باستشهاد أكثر من شاب… و آخر قام بجر مجموعة من عناصر الحر لكمين أعده النظام فقام بالتسبب باعتقال المجموعة كاملة…وبعدما تكررت الحادثة أكثر من مرة ألقي القبض عليه وكان مصيره الإعدام بعد محاكمته’.
وأضاف قائلا ‘ومنهم أيضا من كان يقحم نفسه في المجال الإغاثي على أنه يستطيع إدخال المؤن والمواد اللازمة للمناطق المحاصرة .. لكن ذلك بتسهيل من النظام ليفيدهم بمعلومات عن المنطقة المحاصرة وعن الفصائل المتواجدة فيها وعملها…. مما سبب في اعتقال عدد من الثوار’.
كما بين أن للعواينية دور كبير في ثبات النظام .. فهم يقدمون المساعدة الكاملة له دون اعتراض مقابل المال والسماح لهم بالسرقة دون محاسبة أو ابتزاز الناس للحصول على المال منهم… كما أن بعضهم يقوم بالتعاون مع قوات الأمن في بيع مسروقاتهم والمتاجرة بها معهم.
وأوضح أنه عندما يتم الكشف عن أحد ‘العواينية’ فإنه يبقى تحت مراقبة شديدة من قبل عناصر الحر قبل القيام بأي تحرك ضده …. كما أنه في حال ثبوت الجرم عليه تقوم المحكمة الثورية والهيئة الشرعية بإصدار الحكم حسب الجرم… وإن كان مصير أغلبهم الإعدام… لشدة ما تسببوا به من أضرار.
أما عن تأثير كل ذلك على الثوار فقد أوضح أن له تأثيرا على عزيمتهم و نفسيتهم… خاصة أن أولئك الذين وشوا بهم كانوا يتقاسمون الرغيف معهم ويشاركونهم العمليات … وأنهم تسببوا بفقدانهم للأحبة والأصدقاء وكانوا سببا في فشل عدة عمليات …. بالمقابل فقد أدت تلك الحوادث إلى زيادة الحرص والتشديد الأمني … وعدم إعطاء الثقة إلا للشخص المدروس والموثوق 100′.
القدس العربي
