المعارضة السورية حصلت على صواريخ أمريكية مضادة للدبابات وقادتها يتطلعون إلى جيش وطني

كشفت صحيفة ‘واشنطن بوست’ عن وصول أسلحة متقدمة لجماعات من المقاتلين السوريين وتحديدا ‘حركة حزم’ التي أعلن عن تأسيسها قبل فترة قصيرة. وظهرت الصواريخ في أشرطة فيديو ومع مقاتلين يعملون في ظل الجماعة الجديدة هذه.
وقالت إنه تم اختيار الحركة لتلقي الدعم العسكري الأمريكي حيث اعتبرت معتدلة. ونقلت عن مسؤول أمريكي قوله ‘لقد نجحوا في الإمتحان’ حيث يطمح قادتها الذين يقفون وراءها في تأسيس جيش وطني سوري. وفي قاعدة عسكرية تابعة للحركة في خان السبل في ريف إدلب حيث يتلقى المقاتلون فحصا طبيا ويلبسون الزي العسكري نفسه.
وتقول الصحيفة إن مشهدهم يختلف عن مشهد جنود الفصائل الأخرى حيث الفوضى وعدم الإنسجام علامة واضحة ووقعت تحت تأثير الجماعات الإسلامية المتطرفة وهو وضع منع الإدارة الأمريكية في السابق تزويد الجماعات بالسلاح والعتاد.
ولكن وصول صواريخ أمريكية الصنع مضادة للدبابات من نوع بي جي أم- 71 أحيا الآمال بين المقاتلين وأن إدارة الرئيس باراك أوباما مستعدة لتلطيف موقفها وتقديم أسلحة متقدمة للمقاتلين يستطيعون من خلالها حرف ميزان المعركة لصالحهم.
ويعتبر العدد صغيرا من صواريخ قديمة مضى على تصنيعها عقدان من الزمن ولن يكونوا أحسن من الصواريخ الروسية والفرنسية الصنع التي حصل عليها المقاتلون من الحلفاء والسوق السوداء في الأشهر القليلة الماضية ولن تؤثر على مسار المعركة ضد الأسد كما يقول المقاتلون، فبعد ثلاثة أعوام من الحرب قامت الحكومة بإخراج المعارضة من الكثير من معاقلها مما عرقل جهودهم لتحقيق انتصار ولأجل غير معلوم. لكن عودة يرى في الشحنة الصغيرة تطورا نوعيا و ‘خطوة مهمة’.

 تبرعات أصدقاء سوريا

يتحدث عودة في أول مقابلة صحافية له مع صحافيين أجانب منذ وصول شحنة الصواريخ. ويقول إن الأسلحة لم تصل مباشرة من الولايات المتحدة لكن من خلال ‘أصدقاء سوريا’، في إشارة للتحالف الغربي ودول الخليج وتركيا الذي يدعم المعارضة السورية والجيش السوري الحر.
وتعهد المقاتلون بإعادة كل عبوة صاروخ يطلق، وبعدم بيع الصواريخ وحمايتها من السرقة. ولم يقدم عودة معلومات أخرى عن الصواريخ وعددها وشروط الحصول عليها لكنه قال إن المانحين كانوا واضحين أن شحنها تم بموافقة أمريكية، وأكد المسؤولون الأمريكيون أنهم صادقوا على الخطوة.
وقال إن اهم شيء ليس الصواريخ نفسها ولكن ‘التغير في الموقف الأمريكي’ فالخطوة تشير الى تغيير في الموقف تجاه السماح لأصدفاء سوريا لدعم شعبها وهو دفعة ‘معنوية أكثر من كونها جسدية’. وكان عودة من الضباط الأوائل الذين انشقوا عن النظام السوري وقاتل منذئذ في عدد من الساحات وفي ظل جماعته ‘كتائب فاروق الشمال’ التابعة لكتائب الفاروق.
وتقول الصحيفة إن رسالة عودة واضحة وتوافق ما ترغب الولايات المتحدة بتحقيقه في سوريا وهي ‘دعم الدولة الديمقراطية التي تحكم كل سوريا بمساواة وحرية لكل المواطنين، سوريا حرة من الفاشية والديكتاتورية’.
وتنقل الصحيفة عن قادة آخرين قولهم إن عودة حاز على سمعة جيدة كمقاتل صلب ولم تطله الإتهامات بالتورط في نشاطات إجرامية مثلما طالت قادة آخرين. ويقول أبو مصطفى، قائد وحدة تابعة للجيش الحر ويعيش معظم الوقت في تركيا ‘أعتبره واحدا من الأبطال’، مضيفا أنه معتدل وكان من أول من انضم للثورة علاوة على كونه مقاتلا جيدا.

جبهة ثوار سوريا

وظهرت ‘حركة حزم’ في كانون الثاني/يناير الماضي وبإشراف من المجلس العسكري الأعلى للثورة السورية بعد أن انشقت عن ‘جبهة ثوار سوريا’ التي نظر إليها كتنظيم معتدل قادر على توحيد صفوف المعارضة وتحت قيادة جمال معروف.
وأدى انشقاق عودة عن معروف لنوع من التوتر، حيث قال قائد حزم إنه لم يكن راضيا عن جماعة معروف التي يغيب عنها الإنضباط.
ووصف عودة قائد جبهة ثوار سوريا بأنه ‘أمير حرب ونحن نرفض أمراء الحرب’، مضيفا ‘إنه رجل مدني أما نحن فعسكريون’.
وفي المقابل وصف مستشار لمعروف عودة بالمقاتل الذي يحظى باحترام لكنه ‘يعمل على أجندة أجنبية’.
ويبلغ عدد مقاتلي حزم حوالي 5000 فرد وتظل من أصغر التشكيلات العسكرية. ويركز عودة على تأسيس قوة قتالية تتمتع بكفاءة قتالية عالية ويريد أن يجذب إليها الجنود والعسكريين السابقين في الجيش السوري.
ويتلقى أفراد حزم 100 دولار كراتب شهري تدفعه دول حليفة للثورة السورية، فيما أرسل 150 منهم لتلقي التدريب في قطر كما يقول. ولاحظت الصحيفة أن عودة الذي سمح لفريق من الصحافيين بالدخول إلى معسكره حاول جاهدا التأكيد على الإنضباط والإعتدال والتماسك على أمل الحصول على دعم جديد من الولايات المتحدة، ولم يشاهد الصحافيون إلا عددا قليلا من المقاتلين في المعسكر حيث قال إن معظمهم يقاتلون على الجبهة التي تبعد 10 أميال من المعسكر.
وفي لقاءات مع مجندين جدد قالوا إن وصول الصواريخ الأمريكية شجعهم للإنضمام إلى الجماعة، وأثنى أحدهم على مستوى التنظيم والإنضباط الذي تتميز به حزم وكذا القدرات القتالية التي تملكها.
وتعمل حزم من مدرسة قديمة اتخذتها كمركز لها، ولها معسكرات في الغابة حيث أقامت خياما تبرعت بها السعودية، ويتلقى فيها المجندون تدريبات تفكيك وتركيب الأسلحة وتنظيفها. ويلقي عودة مسؤولية تراجع المعارضة على الولايات المتحدة وحلفاء الثورة السورية فهم ليسوا مخلصين بما فيه الكفاية مقارنة معروسيا وإيران اللتين تدعمان نظام الأسد.
ومع ذلك يعترف بمظاهر القصور لدى المعارضة التي يقول إنها تعاني من ‘مرض الفوضى’، مشيرا إلى تعب السوريين من الحرب ومن فوضى التشكيلات العسكرية. ولهذا يطمح أان تكون مجموعته مختل

لا مكان للأسد

وتحدثت صحيفة ‘فايننشال تايمز′ البريطانية في افتتاحيتها عن موقع الأسد في المعادلة السورية في ضوء ترشحه لانتخابات الرئاسة حيث قالت إنه منذ اندلاع الثورة ضد الرئيس بشار الأسد في 2011 بدا الأسد في بعض الأوقات وكأنه على وشك السقوط ولكن ما حصل خلال الأشهر التسعة الماضية تركت الأسد في حال يبدو فيها أكثر ثقة.
وتضيف قائلة صحيح أنه وبعد ثلاث سنوات من الحرب الأهلية التي أودت بحياة 150 ألف شخص لا يزال الصراع بين نظام الأسد وفصائل الثوار المختلفة غير محسوم على الأرض، خاصة أن جيش النظام أحكم قبضته على دمشق والمناطق التي يسيطر عليها النظام في وسط وغرب البلاد وهو قريب من الإنتصار على المعارضة في حمص، ثالث أكبر مدن سوريا إلا أن الثوار لا يزالون يواجهون النظام، فقبل أسابيع قليلة قاموا بالسيطرة على منطقة ساحلية شمال غرب سوريا بالقرب من اللاذقية بما فيها موطن عائلة الأسد.
كما أنهم لا يزالون يضغطون على قوات النظام في حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، ولا يزالون ينشطون في ضواحي العاصمة دمشق نفسها’.
وترى الصحيفة ان الضغط على الأسد يبدو أقل مما كان عليه من قبل لدرجة أنه أعلن عن موعد انتخابات للرئاسة في 3 حزيران/يونيو، مع أن أجزاء كبيرة من البلاد لا تزال خارجة عن سيطرة النظام إلا أن مجرد إعلان النظام يعكس ثقة عالية.
وتضيف أن هذا يعكس صورة عن الصراع الذي جرى مؤخرا لصالحه، ولا يزال حلفاؤه الخارجيون إيران وروسيا يقدمان الدعم. فيما تعاني المعارضة من المقاتلين من التيار الرئيسي إلى الجهاديين المتطرفين مثل ‘داعش’ فهم ممزقون ومتناحرون.
كما أن موافقة سوريا على تسليم أسلحتها الكيميائية أدت إلى التخفيف من انتقاد الغرب لنظام الأسد.
وفي النهاية ترى أنه من غير المقبول حل الأزمة السورية من خلال ترك الأسد في سدة الحكم. في إشارة لتصريحات توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، الذي قال الأسبوع الماضي أن هذا قد يكون تنازلا ضروريا ‘وإن كان يبدو غير مريح’.
ومن هنا تقول الصحيفة’لا يمكن للأسد أن يجلب الإستقرار إلى سوريا أبدا حتى لو أراد ذلك.
فسوريا لا تزال منقسمة إلى عدد من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة أو النظام وهذا الحال لن يتغير إلا بتدخل كبير من الخارج’. وترى أن الأسد لن يكون قادرا على إعادة إعمار بلده المدمر، فسوريا اليوم تحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات لإعادة بناء بنيتها التحتية. ولن تأتي أي من هذه الأموال من روسيا ولا من إيران.
وفوق كل هذا فقد أصبحت جرائم نظام الأسد بشعة بشكل لا تجعل نظامه صالحا لأن يكون جزءا في حوار. فالنظام قد استخدم وبدون تمييز أسلحة ثقيلة لهزيمة خصومه. وجعل الحياة غير محتملة في المناطق التي يسيطر عليها الثوار بتجويعهم حتى يستسلموا.
ويتحمل المسؤولية المباشرة عن تشريد 9.5 مليون سوري، أي حوالي 40′ من الشعب، وهذه مأساة لم يحصل لها مثيل منذ عام 1945. وإذا أخدنا بعين الإعتبار ميزان القوة على الأرض فبإمكان الأسد أن يحافظ على سلطته على المدى المتوسط وسيحاول إعطاء سلطته دفعة في الإنتخابات القادمة مقدما نفسه على أنه قادر أن يقود ما تبقى من دولة سوريا.
ولكن الفكرة نفسها بغيضة، فالمكان الوحيد الذي يليق به هو قفص الإتهام في محكمة الجنايات الدولية.

الكتائب العمرية

وعلقت صحيفة ‘لوس أنجليس تايمز′ على أشرطة الفيديو التي ظهرت في 13 نيسان/ابريل الحالي وأظهرت مقاتلين وهم يطلقون صواريخ مضادة للدبابات ضد رتل تابع للجيش السوري.
وتشير الصحيفة الى أن أشرطة فيديو أظهرت في السابق مقاتلين وهم يطلقون صواريخ من هذا النوع، شمال سوريا لكن حصولهم على صواريخ أمريكية الصنع تمثل تطورا جديدا، حيث ظهرت لدى ترسانة المقاتلين في جنوب سوريا وقرب الحدود مع الأردن. كما ظهرت صواريخ من هذا النوع وسط سوريا حيث أظهرت أفلام فيديو كتائب أحمد العبدو التي تعمل في جبال القلمون وهي تستخدم الصواريخ.
وقال أبو ياسر، قائد مجموعة ‘أسود الله’، تعمل في المناطق القريبة من العاصمة دمشق إن الصواريخ توفرت لمجموعته قبل فترة، مضيفا أن سبب وصول شحنة كبيرة منها ‘لأنه أصبح بالإمكان شراؤها في السوق السوداء’.
وفي الوقت الذي لم يتم التحقق من صدقية أفلام الفيديو إلا أن تشارلس ليستر، الزميل الزائر لمعهد بروكينغز في الدوحة ويراقب تدفق الأسلحة إلى سوريا تعرف على الصواريخ التي ظهرت في شريط الفيديو.
ويقول ليستر إن الصواريخ مصممة كي تخترق الدبابات مثل الروسية التي تمثل جزءا كبيرا من ترسانة الجيش السوري، وتتميز الصواريخ بقدرة على تحديد الهدف وبهذا تتفوق على الصواريخ الصينية الصنع التي حصلت عليها المعارضة ‘أتش جي- 8 ‘ المعروفة بالسهم الأحمر. وتقول الصحيفة إن عددا من حلفاء الولايات المتحدة تملك كميات كبيرة من هذه الصواريخ مثل الأردن والسعودية، وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد صادقت العام الماضي على بيع 15.000 صاروخ للسعودية بقيمة مليار دولار أمريكي.

أسلحة صينية

ونفى متحدث باسم كتيبة العمري التي ظهر مقاتلوها في الفيديو وهم يطلقون الصواريخ أن تكون جماعته قد تلقت أسلحة من هذا النوع. قائلا إنها من الصواريخ الصينية- السهم الأحمر.
وكانت المجموعة أول من تلقت الأسلحة الصينية هذه والتي قدمتها السعودية كجزء من خط إمدادات يمتد من الأردن حتى كرواتيا حسب الصحيفة. وتعتبر كتائب العمري جزءا من جبهة ثوار سوريا التي يقودها جمال معروف.
وتؤكد الصحيفة على أهمية وصول هذه الصواريخ للمقاتلين لكنها لن تكون كافية لتحديد مسار الحرب التي مضى عليها 3 أعوام.

ابراهيم درويش – القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.