التهجير باسم القانون: أهالي حي ‘ المزة بساتين ’ في مواجهة خطة تهجير يعدّها النظام بحجة ‘إعادة الإعمار

 يواجه آلاف الدمشقيين اليوم أزمة تأمين المسكن البديل الذي اضطروا للبحث عنه لا خوفا من الغارات و لا هربا من المناطق المشتعلة بل بسبب المشروع السكني التنظيمي المزمع تنفيذه وفقا ‘للمرسوم 66 لعام 2012′ الخاص بتنظيم منطقتي جنوب شرق المزة وجنوب المتحلق الجنوبي .. حيث ينتظر أهالي الحي القائمة التي ستعلن عنها محافظة دمشق الأسبوع المقبل والتي تحوي أسماء العائلات الـ 1400 الذين سيشكلون أول قربان في مذبح التهجير ومقدمة لمسلسل تهجير باقي العائلات بحجة إعادة إعمار البلاد.
‘لسنا ضد فكرة تنظيم الحي وتحسين الخدمات لكن الوقت الحالي غير مناسب على الإطلاق… مناطق تهدم بأكملها وهنا سيبدأ الإعمار ..أليس من الأولى بدء إعمار المناطق المهدمة!!’ يقول أبو حسن .. أحد سكان الحي ويضيف ‘أين سأذهب وعائلتي في حال بدء المشروع؟ فباقي أحياء دمشق تعج بساكنيها وبالمهجرين من مختلف المحافظات’.
فيما يرى أبو محمد أن أسوأ ما في الأمر ضرب نسيج الحي الإجتماعي بتفريق سكانه عن بعضهم خصوصا وأن الحي من الأحياء الشعبية في دمشق التي تشتهر بمودة أهلها وصلات القربى المتينة بين سكانها .. كما أن أغلب العائلات تقف عاجزة عن تأمين مسكن بديل لها حيث أن الكثير من السكان لا يستطيعون تحمل عبء استجار منزل ‘إن وجد’ أو أن بعضهم ليس لديه أقارب في أحياء أخرى كالسيدة نورا التي تسكن وجميع عائلتها في الحي نفسه مما سبب لهم مشكلة جماعية أكبر … ‘هنا ولدت وتزوجت وأنجبت .. أعيش أنا وجميع عائلتي في الحي نفسه الأمر الذي كان يشكل مصدر سعادة لنا تحول إلى مشكلة أكبر .. لا أستطيع أن الجأ للسكن مع أهلي مثلا كما يفعل البعض. فـ ‘كلنا بالهوا سوا’.
أما أحمد الذي ذاق صعوبة التهجير بعد أن خرج من بيته في داريا فيقول ‘ ليس من السهل إيجاد منزل يؤوينا من جديد!! اقطن حاليا في المنزل الذي استأجرناه هنا منذ سنة مضت مع عائلتي واثنين من أخواتي وأولادهما . 13 فردا، نعيش في ثلاث غرف صغيرة .. أين سنذهب بعد الآن! ‘كما أبدى قلقه من التصريحات الصادرة عن المحافظة التي تنص على أن ‘ليس كل منذر مستحق للسكن البديل فاستلام الإنذار شيء واستحقاق السكن البديل شيء آخر’، حسب ما ورد في صحيفة الثورة الحكومية. مما يزيد من مخاوف الكثيرين من عدم حصولهم على تعويض عقب بدء توزيع الإنذارات التي حددت كبداية مهلة شهر واحد لإخلاء المنازل قبل البدء بهدمها.
بدوره بيبرس أحد القادة العسكريين في ريف العاصمة أوضح أن النظام يسعى الى تأمين العاصمة بكل إمكانياته فهذه المنطقة تعتبر منطقة هامة في دمشق حيث أن أغلب سكانها من المؤيدين للثورة ومن أوائل الذين تظاهروا ضد النظام.
وأضاف قائلا ‘المنطقة شعبية تتميز بعمرانها القديم والمتماسك اجتماعيا وذات موقع هام بالنسبة للعاصمة كما أن النظام يعتبرها خاصرة رخوة لدمشق مطلة الى أعصابه الحيوية (أوتوستراد المتحلق الجنوبي-أوتوستراد المزة) علاوة على قربها من مساكن مؤيديه (المزة 86) وقلاعه الأمنية (الأمن العسكري- سرية المداهمة -…) كما أنه يخشى من ظهور مقاومة مسلحة فيها في يوم من الأيام لأنها ستكون عصية عليه بحاراتها الضيقة وبساتينها الواسعة. لذلك وجد في تفريغ المنطقة من سكانها وتغيير معالمها وبنيانها نوعا من تأمين العاصمة التي يقاتل دونها بكل ما أوتي من قوة’.
أما عن موقف الكتائب المقاتلة في ريف العاصمة في حال البدء بتنفيذ المشروع ففضل عدم الإجابة على السؤال.
من جهة أخرى يشهد الحي ارتفاعا غير مسبوق في أسعار الأراضي إضافة إلى ظهور حركة تجارية يسعى العديد من خلالها الى شراء حصص المالكين التي حددتها لجنة تقييم المقاسم التنظيمية وتوزيعها في المحافظة حسب تصريح السيد نصوح النابلسي مدير الشؤون المالية في المحافظة الذي أكد التزام المحافظة وجديتها بتنفيذ مراحل المشروع ضمن المهل الزمنية المحددة لها.. الأمر الذي لا يثق به كثير من سكان المنطقة الذين وعدوا بسكن بديل يشكل المرحلة الأولى من المشروع تنتقل خلالها السكان الموجه إليهم الإنذارات الى مناطق أخرى ليتسلموا شققا فورا انتهائها حسب التصريحات المعلنة.
أما عن قيمة الآجار فحدثنا أحمد أنهم وعدوا ببدل إيجار يتراوح بين (20-25) ألف ليرة سورية للشهر الواحد ..مع العلم أن المبلغ المقدم لا يكفي لاستجار منزل صغير داخل دمشق أو في إحدى ضواحيها . فيما تحدث مدير التخطيط العمراني والتنظيم في محافظة دمشق أن المرسوم 66 يلزم المحافظة بعدم تخفيض نسبة المساحة الطابقية المخصصة لمالكي المنطقة التنظيمية عن مساحة 80′ لكل 1م2 من الأرض.
من الجدير بالذكر أن مساحة المنطقة الخاضعة للتنظيم تتجاوز 2.140,000 ‘مليونان ومئة وأربعين ألف م2 تتضمن 1 مليون م2 فعاليات تجارية واستثمارية مختلفة إضافة لـ 18 شارعا تتوزع بين رئيسي وفرعي .. كما أن 35 ‘ من المساحة الكاملة للمشروع تشكل مساحات خضراء وحدائق .. فيما تقارب ميزانية انطلاق المشروع 90 مليار ل.س منها 24 مليار لتنفيذ البنى التحتية، و60 مليار لتنفيذ السكن البديل للمنذرين بالهدم إضافة إلى المساكن الإجتماعية و6 مليارات لتأمين مدفوعات الإيجار لشاغلين العقارات من المستأجرين حسب المصادر.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.