“معركة الساحل”: خطوة ناقصة ربما تمهّد لخارطة التقسيم؟

من دون اخذ موافقة وزارة دفاع الحكومة الانتقالية او دعمها، أعلن العقيد مصطفى، وهو أحد قادة العسكريين للمعارضة في شمال غرب سورية، عن بداية “معركة الساحل” – كما صرّح لاحقاً عبر تلفزيون الاورينت. وبعد ما يقرب من اسبوع من القتال تمّ تحرير كل من كسب والسمرة والنبعين وعدد من القرى الاخرى في شمال اللاذقية بالقرب من الحدود التركية.

كما تم تحرير المرصد 45 النقطة الاكثر اهمية في جبل التركمان والتي تكشف الغابات وطريق اللاذقية، المرصد الذي يجهد النظام لاستعادته من مقاتلي المعارضة السورية.

موقف العقيد مصطفى جاء في حديث عبر الاورينت ردا على مستشار وزير الدفاع في الحكومة الانتقالية. ولم يكتفِِ العقيد مصطفى بذلك بل اتهم البعض بالفساد وبالتخاذل عن تقديم العون العسكري لمعركة الانفال….

لا يعرف احد إن كان المقاتلون سوف يصمدون في المناطق التي احتلوها، لا سيما مع عدم توفر الدعم لهم. فمعركتهم ما تزال مستمرة بفضل امداد النظام لهم بالسلاح عبر ترك اسلحة في ارض المعركة، وهو ما يغذّي فكرة اصيلة في ايديولوجيا العسكرة الاسلامية ألا وهي فكرة الغنائم!!

النظام السوري اتّهم تركيا بدعم القوات التي اقتحمت المنطقة بقيادة “جبهة النصرة” وعدد من المقاتلين الشيشان بينهم مساعد “خطّاب”، الشخصية الشهيرة في “القاعدة”. لم ينفِ مساعد خطاب، ابو مسلم الشيشاني، وكذلك ابو تراب الشيشاني الامر الذي اكداه في شريط بثّ على اليوتيوب حيث صرّحا أنهما نفّذا عملية نوعية خططا لها منذ عام. ولكن لا يمكن ان يتم تصديق طريقة اقتحام المراصد وفق ما قالاه. ففي الامر سر كُشف عنه لاحقا، فلقد سمحت الحكومة التركية لقوات المعارضة السورية بالعبور عبر اراضيها ولو لم يكن الأمر على هذا النحو لما أمكن لقوات المعارضة أن تحقق هذا النصر الهام والمفاجئ للجميع.

سيناريو خارطة جديدة لسورية:

على شاكلة الدول والمستعمرات الفرنسية الانكليزية المتداخلة والمتشابكة في غرب افريقيا يبدو اللسان الذي حرّره مقاتلو المعارضة في شمال غرب سورية. بحيث يتم خلق دويلة حلب التي يسمح لها بالتنفس الى البحر، ولو تمّ الأمر إذاً لتحولت سورية التي نعرفها إلى سوريتان او ثلاث أو أربع:

الاولى تمتد من دمشق الى نهر الكبير الشمالي وفي افضل الاحوال الى وادي قنديل … بما فيها حمص او جزء منها

الثانية تضم حلب وادلب مع لسان الى البحر ونافذة بحرية بطول 20 – 30 كيلو متر

الثالثة ماتبقى من سورية أي المنطقة الجنوبية السويداء ودرعا

الرابعة تضم منطقة الجزيرة حيث الاكراد.

الدور التركي:

اغلاق الحدود التركية مؤخرا إضافة لإغلاق معبر كسب منذ سنة كاملة يؤكد ان هناك مخططا على مستوى دولي لمعركة “الانفال”، وهو تمهيد لإلغاء الحدود التركية مع سورية بمنطقة عازلة (معبر بحري).

وما يؤكد ذلك هو عملية اسقاط الاتراك للطائرة الاسدية فوق كسب في إشارة لمنع الطيران الاسدي من الاقتراب من الحدود. لولا هذا الموقف التركي لما أمكن للثوار ان يكملوا معركتهم بنجاح وما كان بإمكانهم ان يبقوا حتى الآن بأمان في كسب وباقي المناطق المحررة في جوارها،

لن يكون لروسيا أي اعتراض على تقسيم سورية، ولا اعتقد ان لتركيا مشكلة فيما يتهمها البعض انها اعلنت الحرب على العلويين في سورية في وقت لم تعترف حتى الآن بالعلويين الاتراك كطائفة اسلامية! في الوقت الذي كان عليها -وفق محللين – ان تضمن حماية العلويين السوريين وهو ما سيكون بداية لنهاية الكارثة السورية باتجاه الحل الصحيح والآمن!

تثبيت الاقدام في كسب ومحطيها:

سيكون على الثوار والقوات العسكرية التابعة للثورة من كافة الفصائل الدخول في تجربة جديدة في كسب. فهذه المنطقة تعتبر في معظمها موالية للنظام، وبالتالي فطريقة تعامل الثوار والكتائب الاسلامية مع المدنيين في كسب وجوارها كان مجال اختبار. ولقد نجح المقاتلون الإسلاميون المحليون والأجانب في الاختبار حتى الآن، فهؤلاء يقولون انهم اعادوا افتتاح خمس مشافي في كسب إضافة للمخبز الآلي ويفتحون المجال لعودة الأهالي الذين هربوا من المعارك. بل يروي احد الناشطين في عاصمة عربية هذه الحادثة: دخل المقاتلون الى أحد المحلات التجارية في كسب واخذوا مواداً غذائية وفي اليوم الثاني حاسبوا البائع بدفع ثمن كل ما اخذوه،

النظام بدوره سيستخدم ردا على استيعاب الثوار للاهالي عددا من الخداع والحيل للتأثير على مجريات المعركة بطريقة غير عسكرية. كأن يضرب الكيماوي في المنطقة ويتهم الثوار بحرب تطهير ضد الارمن… لكن رغم حملات كيم كارديشان وغيرها من الحملات الايرانية الاعلامية المسيسة، فإن أكثر من مجموعة ارمنية كانت تسكن كسب قبل تحريرها قالت أنهم لم يتعرضوا لأي مضايقة من مقاتلي المعارضة فما بالك بالكلام عن قتل او تخريب كنائس؟

في وقت لم تتوقف محاولات النظام الهجوم على موقع ال45 والنبعين باتجاه طريق الشيخ حسن، اشارت معلومات الى توجيه رئيس النظام لاستدعاء عناصر مختارة من الوية وكتائب في درعا والسويداء ودمشق وشحنهم الى اللاذقية عبر مطار حميميم، كما بدأ بحفر خنادق قرب المناطق التي حررها الثوار لقطع الطريق امام تقدمهم باتجاه الجنوب والغرب.

وكشفت معلومات لاحقة أن النظام يستخدم الآن مقاتلين روس وارمينيين في شمال غرب سورية وهو ما يفتح الباب لتأكيد تحول الحرب السورية – في المستوى الرمزي على الاقل- الى حرب شبه عالمية بوجود مقاتلين من عشر جنسيات اوروبية وآسيوية وافريقية يقاتلون على جبهتي النزاع المحتدم.

لكن اكتفاء مقاتلي المعارضة بالتشبّث في الاماكن التي انتزعوها من قوات النظام سيعني في النهاية خسارتها كما حصل في اماكن اخرى من الساحل، فمن الافضل لهم وللمعارضة السياسية في حال أرادوا الضغط على النظام للقبول بحل سياسي في الجلسة الثالثة من جنيف 2 أن يستمروا في التقدم على جبهات اخرى في الساحل او يكملوا تحرير مناطق إضافية في جبهة كسب والجوار .

فادي آ. سعد – شفاف الشرق الأوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.