عناصر من معركة الانفال

أحد وجوه معركة الانفال وتصريح الإخواني “ملهم الدروبي”…

منذ ايام صرّح السيد ملهم الدروبي من جماعة الاخوان المسلمين السوريين عبر إحدى الفضائيات العربية انه يرغب أو يطالب بدولة مستقلة في حلب!

وقبل البحث في كلام السيد الدروبي وهو كلام خطير في كل المعاني، دعونا نعود إلى ما دفع إلى هذه الكلام وجعله ممكناً من الناحية الإعلامية على الاقل..

في اليوم الاول لـ”معركة الأنفال” خرج علينا شيخ لا يعرفه احد، وجنسيته غير معروفة، ليهدد العلويين بالثبور وعظائم الامور! ومنذ يومين خرج احد الناشطين في “معركة الانفال” من مدينة اللاذقية عبر تلفزيون الاورينت ليوجّه تهديداً آخر للعلويين! زالامر لا يدعو على الضحك والسخرية بقدر ما يدعو الى الاستهجان والقرف، لو وقفنا من جهة وطن يموت ببطء نسيه المقاتلون في الجبهتين بل في الجبهات…

لكن الغريب هو موقف بعض الناشطين على الفيسبوك الذي لا يختلف كثيرا عن موقف قادة بعض الفصائل العسكرية والذي يعتبر ان معركة النظام الاساسية هي في الساحل. لكن الذي ظهر ان النظام يفكر في الساحل كما يفكر بدمشق، وهو اجرى مفاوضات مع مجموعات اسلامية مقاتلة معارضة للإنسحاب من جنوب دمشق، مفاوضات قيل ان “جبهة النصرة” و”داعش” تشاركان بها بشكل اساسي، إضافة لـ”أبابيل حوران” و”احفاد الامويين”.

شبيحة النظام بعد ايام قليلة قاموا بتنفيذ التهديد، بالطبع… كقراءة لتهديدات الشيخ التكفيري للعلويين، قام النظام بارسال شبيحته الى حي الصليبة -السني- في اللاذقية للاعتداء والتهويل والتهديد بقتل السنّة، هكذا يكون النظام قد شبكها من الجهتين وبأدواته: مشايخ التكفير وشبيحته!

الاخبار القادمة من اللاذقية تقول ان شباب الطائفة الوطنيين منعوا شبيحة النظام الطائفي من الاعتداء على السنّة في اللاذقية، لاسيما في دوار الازهري والصليبة بالقرب من مطعم شهير هناك.

تنتهي “معركة الانفال” بعد ان انجزت احد اهم مهامه، وهي “الشد العصبي الطائفي” في الساحل الذي كان ينقص النظام في الفترة الاخيرة بعد تنامي النقمة والاحتجاج في صفوف العلويين في اللاذقية نتيجة استمرار الحرب التي يدفعون ثمنها من ارواح ابنائهم.

لا بد ان النظام أمّن اضعف نقاطه في قرى الساحل شمال اللاذقية التي تنتمي الى “المذهب الحيدري العلوي” والذي لا يجد نفسه معنيا بمعركة الاسد كما باقي العلويين الكلاذية. غداً سوف نجد تدفق شباب هذا المذهب على شبيحة النظام في مزيد من الانخراط في الحرب خوفاً على انفسهم، بعد ان بلغت تهديدات مشايخ وناشطي التكفير اسماعهم على وقع القذائف التي يرسلها الثوار في الشمال.

خريطة من إعداد بي بي سي

خريطة من إعداد بي بي سي

ولكن الاخطر من ذلك، هي مسألة على المستوى الاستراتيجي، تتعلق بحصار العلويين في الساحل بين جنوب طرابلسي وشرق حموي وشمال سيطرت عليه جبهة النصرة وقوات معارضة اسلامية بمساعدة تركية.

هكذا يبدو أن المستفيد من عملية تحرير شمال الساحل السوري جهتان: الاولى هي نظام الاسد الذي يضع العلويين في مواجهة الداخل او “السفر” في البحر، وإلا فالاذعان المطلق النهائي للنظام في معركة يريدها النظام معركة مصير، أي وجود او لا وجود.

الجهة الثانية هم الاتراك الذين ادركوا مخاطر أن يُحاصر العلويون في الساحل الأمر الذي سيدفعهم للجوء الى لواء اسكندرون، مما قد يفتح الباب أمام استخدام النظام علويي اللواء إضافة لعلويي الساحل كوسيلة للمساومة او ورقة ضغط على تركيا، أو كجزء من صفقة دولية يقتطع فيها اللواء ويضم الى الساحل! هكذا أخذ الاتراك القرار ودفعوا بقواتهم بالتضامن مع قوات من المعارضة السورية وقامو ا بعملية مباغتة وغير متوقعة احتلوا من خلالها لساناً يمتد بين المناطق المحررة من شمال غرب اللاذقية ولساناً يصل هذه المناطق بالبحر، مما يشكل فاصلاً بين المناطق العلوية في اللواء والمناطق العلوية في سورية، مما يقطع اي إمكانية للنظام في تمدّد استراتيجي او في اكتمال المدى الحيوي لعلويي الساحل السوري باتجاه الشمال وهو ما يقضي على فكرة الدولة العلوية.

وأخطر من الخطرين السابقين هو خطر ثالث كنا نبّهنا له في مقال سابق،(رفضت كل المواقع والصحف التي حاولنا ارساله لها نشره باستثناء موقع “شفاف الشرق الاوسط”)، وهو أن هذا اللسان الممتد الى البحر هو إشارة أولى لتقسيم سورية! لكنه تقسيم بغير ما كان يخشاه السوريون دوماً أي التقسيم الطائفي. فهو تقسيم يستند إلى أسس ومعايير أخرى، إحداها الصراع الاقليمي التركي-الايراني في سورية وعليها، وطموح دول الجوار والاقليمية لمد نفوذها إلى أبعد من حدودها الحالية على حساب وحدة سورية.

فاللسان الممتد الى البحر الذي لا يتجاوز عرضه الخمسة كيل مترات بساحل طوله 3 الى 4 كيلومتر يذكّر بمزارع ومستمعرات افريقيا التي تحولت الى دويلات مخنوقة يتم انعاشها بمد ألسنة لها الى البحر عرضها بضعة كيلو مترات… ولاشك ان دويلة السيد ملهم الدروبي ستكون مزرعة تركية بجدارة، كما ستكون دويلة بشار الاسد مزرعة ايرانية بالطبع!

فادي .آ. سعد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.