مباني متضررة في البلدة القديمة بحمص

رئيس المجلس العسكري البشير النعيمي يدعو واشنطن لقيادة جهود الدعم وتزويد المقاتلين بالصواريخ المضادة للطائرات

ابراهيم درويش

 في لقاء خاص تم بين وزير الخارجية الأمريكية وممثلين عن المعارضة السورية أفصح الوزير الأمريكي للجانب السوري قائلا إن المجتمع الدولي ‘ضيع عاما’ بسبب عدم تعاونه وتنسيق جهوده للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وفي تقرير نشره موقع ‘ دايلي بيست’ الأمريكي إن الدول المتعددة التي تريد مساعدة الجيش السوري الحر قد فشلت في التنسيق بشكل كامل ولوقت طويل.

وعقد كيري اللقاء الخاص مع زعيم الإئتلاف السوري أحمد الجربا والوفد المرافق الذي يزور واشنطن واجتمع مع كيري يوم الخميس الماضي. وبحسب ثلاثة ممن حضروا الإجتماع قال كيري إن غياب التنسيق أدى الى تراجع الدفع باتجاه منع الأسد الإستمرار في عمليات الدمار التي يمارسها ومواجهة التهديد الإرهابي.

وبحسب الموقع فقد طلب الثلاثة عدم ذكر اسمائهم بسبب عدم التصريح لهم بالكشف عما دار في اللقاء الذي عقد في مقر وزارة الخارجية وحضره مسؤول من مجلس الأمن القومي ومسؤولون من وزارة الخارجية وعدد من المعارضة السورية وأعضاء في المجلس العسكري الأعلى للثورة السورية.

 

جهود التنسيق
وقال الحاضرون إن كيري قدم تعليقاته هذه في سياق النقاس حول تجديد جهود التنسيق لإيصال الدعم العسكري واللوجيستي للمقاتلين السوريين. وكان عدد من مدراء المخابرات العرب قد اجتمعوا في بداية هذا العام للبحث في طرق لتنسيق الدعم العسكري للمعارضة السورية والتأكد من اختيار الجماعات المقاتلة المعتدلة وعدم وقوع الدعم في أيدي المتطرفين. وبعد أيام من لقاء قادة المخابرات قام المجلس العسكري للثورة السورية بعزل قائده السابق اللواء سليم إدريس وتعيين قائد جديد وهو العميد عبد الإله البشير النعيمي، وبدأ المقاتلون في الأسابيع القليلة الماضية بالحصول على صواريخ مضادة للدبابات أمريكية الصنع والتي تعتبر جزءا من ‘برنامج تجريبي’ لفحص قدرة المجلس العسكري التعامل مع هذه الأسلحة ومنع انتشارها بين الجماعات المتطرفة.
والتقى موقع ‘ دايلي بيست’ مع البشير النعيمي يوم الأحد الماضي حيث قال إن الهدف الرئيسي لزيارة وفد المعارضة هو الحصول على أسلحة مضادة للطائرات من أجل توفير الحماية للمدنيين السوريين من النظام الذي أصبح يستخدم الغارات الجوية ويرمي البراميل المتفجرة على المواقع السكنية. وطلب البشير من الولايات المتحدة قيادة الجهود الدولية لتزويد المعارضة المدنية والقيادة العسكرية بالدعم.
وأخبر كيري وفد المعارضة السورية أنه يتفهم رغبتهم بالحصول على سلاح متقدم، ولكنه لم يقدم أي التزامات امريكية بدعم جديد وأكد للقادة السوريين بأن الولايات المتحدة تبذل ما تستطيع لمساعدة السوريين وستواصل دعمها.
وقال البشير ‘كان وزير الخارجية عاطفيا ومتعاطفا مع القضية السورية، ويدعم الثورة السورية والشعب السوري’. وعبر البشير عن أمله في حدوث ‘ تغير في السياسة’.

عليكم الثقة بنا
وتعلق ‘ دايلي بيست’ أن إحباط كيري من البيت الأبيض معروف، فوزير الخارجية يدعو منذ مدة ومن داخل الإدارة لتبني سياسة أكثر قوة ودعماً للمعارضة المسلحة ولكن دعواته كانت تجد عراقيل من البيت الأبيض.
واعترف البشير بأن الولايات المتحدة منخرطة وبشكل كبير في الدعم العسكري الجديد للمعارضة.
وقال إن الطريقة التي ادارت بها المعارضة شحنة الصواريخ ‘تي او دبليو’ المضادة للدبابات يجب أن تعطي الأمريكيين ثقة كافية بقدرة الجيش الحر وتبدأ بتزويده بالصواريخ المضادة للطائرات.
وقال ‘استطاع الجيش الحر التعامل بشكل جيد مع صواريخ تي او دبليو، وتم تدريب المقاتلين وبحماية منا على كيفية استخدامها وتم هذا بتعاون وإشراف من الولايات المتحدة’. وقال ‘ الهدف الرئيسي لزيارتنا هو الحصول على صواريخ مضادة للطائرات لحماية المدنيين الأبرياء داخل سوريا ونأمل بمساعدة الولايات المتحدة لنا على مواجهة قوات الأسد الجوية’. وكان أحمد الجربا قد أخبر صحيفة ‘نيويورك تايمز′ أنه طلب من البنتاغون والبيت الأبيض تزويد المقاتلين بالصواريخ المضادة للطائرات.
ووعد الجربا بتأمين الصواريخ والتأكد من عدم استخدامها إلا من الضباط المدربين. وقال البشير إنه في حالة قيادة الولايات المتحدة لجهود تنسيق وصول السلاح الفتاك الذي تقدمه الدول المؤيدة للثورة السورية وتضعه تحت مظلة المجلس الأعلى للثورة السورية فهذا سيعطي الولايات المتحدة الثقة من أن الأسلحة سيتم التعامل معها بطريقة مسؤولة.
وأضاف أن المجلس العسكري انشأ وحدتي تنسيق داخل سوريا واحدة في الجنوب وأخرى في الشمال ولكنه لم يسيطر بعد على تدفق السلاح. وقال البشير ‘نريد تنسيق جهودنا مع حلفائنا، وأن يكون هناك جهد واحد لدعم سوريا، وقناة دعم واحدة وهي المجلس الأعلى للثورة السورية، ويجب أن تقود هذه الجهود الولايات المتحدة’.

‘القاعدة’ ستسيطر
ويقاتل الجيش الحر الآن على جبهتين الأولى ضد النظام والأخرى ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) والتي ترى المعارضة أنها تتعاون مع النظام، فقد أعد الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ملفا تضمن أدلة كثيرة على هذا التعاون. وبحسب ‘نيويورك تايمز′ فداعش تقوم ببيع النفط مباشرة للنظام.
ويقول البشير ‘نعتقد أن داعش هي ذراع للنظام السوري’. و’نطلب من الولايات المتحدة تزويدنا بالأسلحة المتقدمة… وان لم تفعل وتقدم لنا السلاح المتقدم فستسيطر القاعدة على سوريا، مما سيكون تهديدا لكل العالم’.
ويشير مقال ‘ دايلي بيست’ إلى أن النقاش الدائر في واشنطن تركز حول إقامة منطقة حظر جوي في بعض مناطق سوريا واستخدام السلاح الجوي الأمريكي لحماية المدنيين السوريين الذين يتعرضون لقصف النظام، فيما دعا مشرعون في الكونغرس الولايات المتحدة لضرب وتحييد قدرات الأسد الجوية، ويرى البشير أن حصول المقاتلين على الصواريخ المضادة للطائرات يجنب الولايات المتحدة هذين الخيارين ‘لو اعطيتمونا الصواريخ المضادة للطائرات فلا حاجة لمنطقة حظر جوي’، و’لا نطالبكم بإرسال الرجال والنساء الأمريكيين للقتال في سوريا’. وفي النهاية يطلب السوريون في وفد المعارضة من المسؤولين الأمريكيين الذين يقابلونهم ببذل جهود أكثر ومساعدة السوريين عسكريا ودبلوماسيا والمساعدة في حرف ميزان المعركة لصالحهم.
ويقول البشير ‘هناك مثل سوري يقول ‘لا تستطيع تغطية الشمس بغربال’ ولا تستطيع تغطية الحقيقة وهي أن الولايات المتحدة هي التي ستقرر متى ستنتهي الحرب ونأمل أن تضع حدا لها’. الحرب التي لم تتوقف عن حصد الأرواح والدمار كما حدث في حمص التي تحتفل الحكومة بالسيطرة عليها.

لم يبق شيء
في حمص فتشت سيدة عن بيتها فلم تجد شيئا ‘ لم يبق شيء لتذكره ولهذا اخذت هذه الصور، لقد دمر بيتي’.
وتعلق صحيفة ‘التايمز′ البريطانية أن الصور التي خرجت من ثالث كبريات المدن السورية تقدم فكرة عن الدمار الشامل الذي حل بها جراء قصف وحصار استمر عامين.
وكان ما تبقى فيها من المقاتلين قد وافقوا على الخروج بأسلحتهم للمناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في اتفاق استغرق عدة أشهر لأكماله.
وترى ‘التايمز′ أن سيطرة النظام السوري لبشار الأسد على حمص ضرورية ونجاحه بالفوز في الحرب الأهلية التي دخلت عامها الرابع، وتكمل الممر الذي يريده الأسد لتأمين الإمدادات لقواته والذي يمتد من درعا قرب الحدود مع الأردن إلى دمشق ومنها الى حمص وحتى شواطيء البحر المتوسط ومدينة اللاذقية. وتقول الصحيفة إن مأساة السوريين الذين يحاولون بناء حياتهم من جديد في دول الجوار واضحة حيث اضطر الكثيرون منهم لشراء وثائق مزورة من السوق السوداء لأن الطريق عبر دمشق اصبح صعبا ومن لا يملك وثيقة سفر يحرم من فرصة الحصول على وضع لاجيء في تركيا.
ونقلت الصحيفة عن تاجر وثائق سفر مزورة في أعزاز قرب الحدود التركيه إنه يبيع الجواز المزور مقابل 1500 دولار.
ويحتاج السوريون الذين يملكون وثائق سفر حقيقية انتهت مدتها أو فقدوها في محاولتهم للهرب لوثيقة سفر حتى يكونوا مؤهلين للحصول على إقامة في تركيا.
ويقول التاجر واسمه يوسف إنه يشتري جوازات السفر الفارغة من أشخاص يعرفهم في داخل النظام ويطبعها ثم يبيعها مقابل 1500 دولار ‘وهناك من يبيع كل مجوهرات زوجته لشراء وثيقة سفر’.
ونقل التقرير عن شخص اسمه بلال انشق عن النظام العام الماضي وانضم لفترة قصيرة للجيش السوري الحر أنه اشترى جواز سفر مزور من الرقة مقابل 1000 دولار.
ويقول ‘حضرت لتركيا بطريقة غير شرعية فقد كنت على القائمة السوداء بسبب انشقاقي عن النظام’ و’حل شراء الجواز كل مشاكلي، فقد أصبح بإمكاني الحصول على إقامة في تركيا والسفر للخارج، والحصول على عمل’.

كتل من الأنقاض
وفي السياق نفسه أشارت صحيفة ‘لوس أنجليس تايمز′ أن سكان حمص التي دمرتها الحرب بدأوا بالعودة لبيوتهم وانقاذ ما لم يطله القصف بعد سنوات من النزاع والحصار.
ولم يعثر السكان إلا على القليل بين الأنقاض، بيوت مدمرة ومحلات منهوبة فقط تذكارات من الأزمنة القديمة ‘جمعوا ما عثروا عليه ووضعوه في عربات الأطفال، حقائب أو أكياس بلاستيكية وركبوا الدراجات الهوائية أو سكوترز وذهبوا لمقر إقامتهم الجديد في بيوت مؤقتة أو مع أقاربهم.
ويقول رافي سيبخيان ‘ ليس كثيرا، فقط بعض الأشياء الصغيرة’، ‘لقد دمر بشكل كبير ولكننا نخطط لإعادة بنائه لاننا نحب بيتنا’.
ويصف التقرير حالة المدينة القديمة التي كانت تعج بالحياة والنشاط بانه اصبح كومة من البنايات التي تعرضت للقصف والبيوت التي ترك الرصاص علامات على واجهاتها وشوارع مليئة بالأنقاض، وبقايا الفراش واجهزة الكمبيوتر والأسلاك الكهربائية، فيما تنبعث رائحة الدخان من هنا وهناك. وبخروج المقاتلين منها فقد تركوا وراءهم بلدة مهجورة غير صالحة للعيش فيها، فلا ماء ولا كهرباء.
وترى ‘لوس أنجليس تايمز′ أن السيطرة على البلدة القديمة تعتبر ‘انجازا’ كبيرا للنظام الذي يرغب بتقديم صورة عن وضع مستقر قبل الإنتخابات الرئاسية المحددة في 3 حزيران/ يونيو.
وتعتبر حمص التي كان يعيش فيها 2 مليون شخص مهمة من الناحية الرمزية والإستراتيجية، فهي تعتبر ‘عاصمة الثورة’ ضد نظام بشار الأسد ومهمة لموقعها الإستراتيجي الذي يربط بين دمشق والساحل.
وفي الوقت الذي عبر بعض السكان عن راحتهم بنهاية الأزمة وتطلعوا لبداية جديدة والعودة للعيش معا، إلا ان المعارك تتواصل في أماكن أخرى ولم تتم بعد السيطرة على حي الوعر الذي يعيش فيه 200.000 نسمة، كما أن هناك الكثيرين ممن لم يرضوا بعودة الجيش والسيطرة على المنطقة. ونقل عن طالب قوله إنه يتمنى لو يرفع علمه الأخضر، في إشارة لعلم الثورة.
وعبر آخرون عن توقف هجمات الهاون والسيارات المفخخة التي تخرج من مناطق المعارضة خاصة أن حمص عادت لسيطرة الحكومة. ويقول التقرير إن المسيحيين الذين يشكلون جزءا مهما من البلدة القديمة احتفلوا بإقامة قداس في كنيسة أم الزنار والتي تعرضت لدمار كبير.
وتعرف بأم الزنار نظرا لوجود جزء من ‘زنار’ السيدة العذراء ماري فيها. وفي بداية الحرب قام القساوسة بنقل الأيقونات والأشياء الثمينة وخبأوها في مكان آمن. لكن جماعات النهب قامت بالحفر تحت المذبح، لكن القساوسة قاموا بنقلها لمكان آمن. قريبا من البلدة القديمة حيث يقع حي الخالدية الذي دمر معظمه كان بإمكان سكانه السابقين الدخول لبيوتهم ولأول مرة، وهي المنطقة التي يقع فيها مسجد خالد بن الوليد الذي تضرر من القصف.
ونقل عن سمر وهي طالبة جامعية قولها ‘إن مشاهدة هذا تثير القلق والإضطراب، نحن في حمص قرفنا من الحرب وأتمنى لو وضعنا أيدينا معا وعدنا لما كنا عليه من قبل، ولكن الأمر ليس بهذه السهولة’.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.