أشباح السوريين القتلى لاحقت الرئيس الامريكي… و أوباما وعد بمساعدة المقاتلين ولكن بدون صواريخ مضادة للطائرات

لم يف خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الأكاديمية العسكرية «ويست بوينت» الذي ألقاه يوم الأربعاء بالتوقعات والهالة التي احيط بها، حيث ظلت التسريبات من البيت الأبيض تشير إلى أن الرئيس سيقدم معالم للسياسة الخارجية تحدد سياسة إدارته الخارجية في ما تبقى له من سنوات في ولايته الثانية.

وكما وصفته صحيفة « نيويورك تايمز فقد «خلا من الإلهام وتنقصه الإستراتيجيات الحاسمة ولن يؤدي لإسكات ناقديه في صف اليمين واليسار».

ومع ذلك قدم الرئيس أوباما نقاشا جيدا حول استخدام القوة والتدخل العسكري كطريقة وحيدة لإظهار أمريكا قوية.

وفي هذه النقطة كان أوباما ثابتا ومنطقيا، فقد دعم العمل العسكري حتى لو كان من طرف واحد عندما يتعرض أمن البلاد ومصالحه للتهديد وكذا أمن الدول الحليفة.
ولكنه شدد مصيبا على ان كل مشكلة لا يمكن حلها عسكريا وحذر من ان «أكبر اخطائنا جاء ليس من انضباطنا ولكن التسرع وإظهار الإستعداد لاتخاذ عمل عسكري».
وترى الصحيفة أن الرئيس كان مصيبا بالتخلي عن توجيه ضربة للنظام السوري مقابل تخلي الأخير عن ترسانته العسكرية.

وحاول أوباما في خطابه الرد على نقاده الذين اتهموه بالتخلي عن التسيد العسكري الأمريكي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والمسألة لا تتعلق حسب نظره بكون أمريكا تقود ولكن الكيفية التي ستقود فيها، مؤكدا أن «العزلة عن العالم ليست خيارا».

ومن هنا ترى أن الرئيس أوباما كان محقا عندما اقترح ان واشنطن لن تتنازل في الملف النووي الإيراني.

من دون تفاصيل

ورغم كل هذا فقد خلا خطاب أوباما من التفاصيل حول الكيفية التي ستقود فيها الولايات المتحدة العالم في العامين القادمين، وقلة تعتقد أن الرئيس يعي تراجع النفوذ الأمريكي في عالم متغير، فالكلام مثل أن أمريكا «أمة لا يمكن التخلي عنها» لا يقدم الكثير حسب الصحيفة. ومن هنا ألمحت الصحيفة إلى خطة أوباما لتخصيص 5 مليارات دولار لتدريب ودعم الجيوش في دول مثل ليبيا واليمن ومالي والصومال كي تكون قادرة على مواجهة الإرهابيين.

وهي فكرة القيادة بالتعاون التي اقترحها أوباما حيث يهدف من خلال هذا البرنامج تجنب استخدام القوات الامريكية في الصراعات المحلية في بلدان كهذه.

وذكرت الصحيفة أوباما ان تاريخ الولايات المتحدة في عمليات كهذه لم يكن كله نجاحا. ولاحظت الصحيفة تجنب أوباما الحديث عن العوامل المهمة للنجاح بما في ذلك الحكم الرشيد والتعليم، «وكان مثيرا للضيق تستره على عودة العسكر في مصر».

ومن ناحية أخرى قالت إن حديث أوباما عن الحاجة للشفافية في مجال استخدام الطائرات من دون طيار وعمليات جمع المعلومات «سخيف» لأن إدارته لم تقدم إلا القليل عن هذه القضايا.

ولم يفصح في السياق نفسه عن الطريقة التي ستقوم فيها الولايات المتحدة بمواجهة كل من روسيا والصين «كانت هذه لحظة أوباما الكبيرة، ولكن لأنه لن يخوض انتخابات قادمة فما يهم هو سجله في العامين والنصف القادمين».

بين زمنين

ومن هنا قارنت صحيفة «الغارديان» البريطانية بين عهدين عندما استخدم جورج بوش الابن المناسبة قبل 12 عاما لشن الحرب على العراق. وفي عام 2009 استخدم أوباما الخطاب في ويست بوينت للإعلان عن زيادة القوات الأمريكية في أفغانستان.

ولكن الظروف تغيرت منذ ذلك العام، فالنفوذ الأمريكي في تراجع، فقد خرجت من العراق وتخطط للإنسحاب من أفغانستان وقادت الحرب على ليبيا من الخلف وقررت التخلي عن التدخل العسكري المباشر في سوريا أو تقديم أي دعم عسكري مباشر لأوكرانيا.

وتعتقد أن مواقف الرئيس متناغمة مع الرأي العام الأمريكي الذي يدعو للعزلة في مستويات لم تشهدها امريكا منذ 50 عاما.

وتعلق الصحيفة أن الرأي العام لا يمكن أن يكون محددا للبوصلة في قضايا السياسة الخارجية، فإخراج أمريكا من الحروب والأزمات لم يجعل أوباما شعبيا، ويتعرض لانتقادات لفشله في تقديم القيادة الدولية المطلوبة.

ومن هنا جاء خطابه للتعبير عن وعيه بهذا الوضع وأن الجلوس في البيت ليس خيارا، كما أن الدول الفاشلة قد تشكل تهديدا خطيرا على مصالح الولايات المتحدة.

وعليه اختار أوباما الخيار الوسط بين التدخل والعزلة والذي يقوم على عدم تدخل الولايات المتحدة لوحدها مع أنه أكد على خيار التدخل كضرورة حالة تعرض مصالح الأمة والحلفاء للتهديد المباشر. ورغم كل هذا فلا يمكن الحديث حسب الصحيفة عن «عقيدة أوباما» في السياسة الخارجية.

الفشل في سوريا

ومع أنها دافعت عن سجله في المحادثات مع إيران إلا أنها أشارت إلى فشله في سوريا حيث قالت « الفشل الاكبر حتى الآن في سياسة أوباما الخارجية هو سوريا، فلمسته الخفيفة لم تؤد لوقف نزيف الدم، وقد قتل ما يزيد عن 160.000 شخص معظمهم مات على يد النظام، فيما انتصر الجهاديون الراديكاليون وسيطروا على مناطق على حساب القوى المعتدلة ولكن الأقل تسليحا».

ومن هنا تناقش الصحيفة أن التدخل الإنساني في صراعات كهذه يقتضي قرارا صعبا من الرئيس بشكله تجعله مسؤولا عن كل شيء يحدث كما تظهر التجربة في ليبيا، ولكن الذين يقفون في صف المتفرجين لا يفرون من المحاسبة، فلا يزال المسؤولون والدبلوماسيون البريطانيون والفرنسيون مسكونين بهاجس ما حدث في البوسنة ورواندا في العقد الأخير من القرن الماضي.

واعترف الرئيس الأمريكي ان تدخلا أمريكيا في رواندا كان كفيلا بإنقاذ حياة 300.000 شخص. وفي خطاب ويست بوينت أظهر أوباما ان الموتى السوريين بدأت اشباحهم تلاحقه، والمشكلة هي الكيفية التي يمكن من خلالها إبعاد هذه الأشباح.

وتقول الصحيفة «سيكون هناك دعم جديد للمعارضة المعتدلة ولكنها لن تشمل الصواريخ المضادة للطائرات. فالفرصة التي لاحت للحد من حس الحصانة الذي يشعر به بشار الأسد ضاعت في آب (أغسطس) الماضي عندما تم تجاوز خط أوباما الأحمر بدون رد».

وتعتقد الصحيفة أن المنظور الأفضل هو «صفقة كبيرة» مع إيران حول برنامجها النووي وهي صفقة تبدو الآن بعيدة، مشيرة الى أن الصفقة النووية لم تتحقق بعد لأنه يجب فحص رغبة إيران بالتحاور مع الغرب، «فقد تمت تجربة كل شي وفشلت، او تتم تجربته في الوقت المناسب».

لم يفهم دروس رئاسته

وفي هذا السياق أثنى ديفيد إغناطيوس الكاتب الشهير في «واشنطن بوست» على خطة الشراكة التي اقترحها الرئيس باراك اوباما في خطابه في ويست بوينت، لمكافحة القاعدة، وقال ان الرئيس بدأ يفهم معنى الازمة السورية وان تدريبه وحدات كاملة للمعارضة يستحق الثناء.

وأشار الكاتب الى أن سوريا والعراق هما المكانان اللذان سيتم فيهما فحص جدوى هذه الخطوة خصوصا أن الدولة الإسلامية في العراق والشام والجماعات المرتبطة بالقاعدة بنت فيهما وجودا قويا.

و في الوقت نفسه تحدث أوباما عن نيته تقديم الدعم الأمني في مجال مكافحة الإرهاب لشركائه في تركيا والأردن، وللحكومة المدعومة من إيران في العراق.

ويرى إغناطيوس أن من أهم الأفكار الإبداعية التي أعلنها أوباما هي تفكيره في تدريب وحدات كاملة للمعارضة السورية والتي يمكن ان تعمل وتتعاون على تحقيق الإستقرار في المناطق المحررة في شمال وجنوب سوريا.

ويقول إن حديث أوباما وتفصيله عن تقديم الدعم للمعارضة المعتدلة في سوريا، جاءا في وقت لم يعلن البيت الأبيض فيه عن كيفية الدعم وإن كان سيأخذ شكل المساعدات السرية ام العلنية أي تحت عنوان برنامج التدريب العسكري بإدارة القوات الأمريكية الخاصة أم سيبقى البرنامج سريا بإشراف المخابرات الأمريكية- سي آي إيه.

وينقل الكاتب حديث البعض عن تقبل أوباما المدخل العسكري والذي يشمل تدريب وحدات عسكرية كاملة، ولكنه لا يريد التسبب في فزع شركائه العرب المهمين خصوصا الأردن الذي عبر عن قلقه من برنامج علني كهذا.

وفي تعليقه على خطاب أوباما قدم الكاتب تقييما قاسيا على ما جاء فيه قائلا أن أوباما قدم مجموعة من النقاط المهمة دفاعا عن سياسته الخارجية «لكن للأسف، أظهر الخطاب أن الرئيس لم يهضم عددا من الدروس المهمة التي واجهها أثناء رئاسته».

فقد أكد أوباما بحكمة على أنه يريد رؤية العالم كما هو بأخطاره وبغياب اليقينيات فيه، وكرر وسط تصفيق الحضور الكلام عن «الإستثنائية الأمريكية» وأن «امريكا لا غنى عنها» ولكنه في الوقت نفسه تجاهل ولم يتحدث عن الدور الأمريكي في الكثير من المشاكل خصوصا العراق وسوريا، فالرئيس غيرغافل عن سيطرة القاعدة على مدينة الفلوجة هذا العام لأن الولايات المتحدة خرجت من العراق عام 2010.

ويعرف الرئيس بالتأكيد أن الإرهاب في سوريا بات له وجه قاتل لأنه في عام 2012 رفض اقتراحا من كبار المسؤولين في إدارته لتدريب قوى المعارضة السورية لمواجهة المتطرفين.

مضيفا أن الرئيس يعرف بالتأكيد إمكانية تحول أفغانستان إلى ملجأ آمن للقاعدة حالة إكمال الإنسحاب الأمريكي من هناك. ومع ذلك يرغب أوباما بتحديد الإلتزام الأمريكي للأمن والإستقرار.وفي الوقت الذي يثني فيه الكاتب على أوباما ومحاولته رسم استراتيجية أمريكية للعقد القادم تتجنب أخطاء العقد الماضي إلا أنه تمنى لو لم يحدد الرئيس لأعداء أمريكا في افغانستان وقت خروج القوات الأمريكية.

وتحدث الكاتب هنا عن خطة اوباما للتعاون مع الدول الأخرى والتشارك في مواجهة الأخطار التي تواجه العالم إلا في الحالات الإستثنائية التي تتهدد فيها مصالح الولايات المتحدة مباشرة.

الأرامل

ووعد أوباما السوريين أكثر من مرة، والحرب مستمرة والقتلى والمآسي اليومية عدة. أطفال يقتلون ونساء يفقدن ازواجهن من هنا تعهدت الأرامل السوريات بعدم الزواج خشية ان يفقدن أزواجهن في الحرب مرة أخرى.

هذا ما جاء في تقرير لصحيفة «لوس أنجليس تايمز». وتقدر منظمات حقوق الإنسان أعداد النساء السوريات اللاتي فقدن أزواجهن بعشرات الألاف.

ويحكي التقرير قصة أحلام (23 عاما) التي رفضت الإرتباط بشاب سوري لأنه مقاتل ولكن تقربه منها وحديثها معه حببه إليها وتزوجا في الصيف الماضي حيث قسم وقته بين البيت والجبهة، وفي يوم من أيام آذار/مارس الماضي ظل فكرها مشغولا به ولم تكن قادرة على عمل شيء في البيت واتصلت به للتأكد من أنه بخير «قلت له اعتن بنفسك» ورد «سامحيني إن حدث شيء» بعد حديثها معه قتل في مواجهة مع النظام.

وتقول أحلام التي كانت تتحدث «كنت خائفة من موته وانظر ماذا حدث»، و»كنت أقول له لا تذهب هناك عمل كثير في القرية بحاجة لإنجازه، وكان يقول لا أستطيع يجب أن أذهب هناك مهام كثيرة على خطوط النار».

وقد أقسمت أن لا تتزوج حتى يتوقف القتال وهي مثل الكثير من الشابات اللاتي انضممن لصف الأرامل الكثير منهن قتل أزواجهن وهن حوامل ويرفضن حتى فكرة الزواج من جديد «حصلت على نصيبي» هذا جواب بعضهن.

وتقول أحلام « لا اريد أن يحدث نفس الشيء» حيث يقاتل أخوان اثنان في المعارك ولا تعتقد أنهما سيعودان.

وتقدر منظمات حقوق الإنسان أعداد الأرامل بعشرات الألاف وهناك أعداد مماثلة لنساء اختفى أزواجهن وينتظرن أخبارا عنهم.

وفي وقت دمرت فيه الحرب الأهلية البيوت والمدارس هناك تردد في بناء شيء مثل الزواج خشية ان يدمر مرة أخرى. ويقول التقرير إن رفض الزواج مناقض للعادة والعرف حيث يطبع الزواج والأمومة حياة البنات اللاتي يتزوجن باكرا. وقد يؤدي الوضع إلى أعباء مالية على العائلات التي تجد من الواجب دعم الأرملة التي فقدت زوجها خصوصا إن لم يكن لديها ما يكفيها للحياة.

وفي حالة فقدت المرأة زوجها ولم تنجب منه فهي عرضة للضغوط كي تتزوج مرة ثانية بخلاف من أنجبت أطفالا وكما تقول سيدة «إن لم يكن لديها أطفال، فهذا ليس سيئا حيث يمكن أن تتزوج مرة ثانية» «وإن لم يكن عندها أطفال فلا شيء لديها لتتسلى به، وماذا ستفعل؟».

ويقول التقرير إن رفض المرأة الزواج يعني إشارة على استقلاليتها حيث غيرت ظروف الحرب الكثير من القيم والأعراف الإجتماعية وفسخت من عرى النسيج الإجتماعي، فبدلا من الزواج مرة أخرى تقوم النساء بتقرير مصيرهن.

وتقول أحلام إن المجتمع السوري يتغير بشكل غير مسبوق بسبب العدد الكبير من الأرامل. ومن أجل حل المشكلة دعا عدد من المشايخ المقاتلين الزواج ممن فقدن أزواجهن، بل وعرض أحدهم على المقاتلين المال مقابل تنشئة وتبني أطفال المقاتلين الذين سقطوا في ساحات المعارك، وبالنسبة للنساء فالخيار الذي يحاولن تجنبه هو الزواج من مقاتلين قد يسقطون في المعارك مما يعني فقد الزوج مرة أخرى.

ولاحظ التقرير زيادة في حالات تعدد الزوجات حيث يعرض رجال متزوجون الزواج من نساء فقدن ازواجهن حيث يعتقدون أن النسوة يقبلن بوضع الزوجة الثانية نظرا لغياب الفرص أمامهن.

إبراهيم درويش –  القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.