هل يخاف من لم يصوّت للأسد؟

هل يخاف من لم يصوّت للأسد ؟

بعد يومين من الانتخابات الرئاسية في سورية تتبدى علامات القلق على وجوه أولئك، الذين قاطعوا التصويت ومن خلت أصابعهم من الحبر الفوسفوري الذي يشهد على أنهم أدوا دورهم في انتصار بشار الأسد.

وقال مسؤولون إن “الأسد فاز بالانتخابات التي جرت يوم الثلثاء بنحو 89 في المائة مما فجر احتفالات في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في سورية والتي جرت فيها عملية الاقتراع”. وقالت السلطات إن “73 في المائة ممن لهم حق التصويت من السوريين أدلوا باصواتهم وغمسوا أصابعهم في الحبر لإظهار مشاركتهم في الاقتراع”، وهي نسبة إقبال عالية بشكل ملحوظ في بلد خربته حرب ضروس دفعت نحو ثلاثة ملايين شخص للهرب إلى الخارج. وقال المذيع في برنامج إذاعي محلي اليوم الخميس “دعونا نرى من منا لم يغمس إصبعه في الحبر”، في مزحة تلعب على وتر الخوف من أن أولئك الذين لم يشاركوا في الانتخابات قد يواجهون عواقب وخيمة.

وفي يوم الاقتراع حاول البعض العثور على بديل للحبر المستخدم في مراكز الاقتراع. وتساءل شاب لم يرد المشاركة في التصويت، لكنه يخشى الاعتقال لمقاطعته الانتخابات قائلاً: “هل يمكننا استخدام حبر عادي من متجر للأدوات الكتابية؟”. وسأل: “هل يمكن أن يوقفوني عند نقاط التفتيش ويطلبون أوراق خدمتي بالجيش”، مشيراً إلى خدمته العسكرية الالزامية والتي تأجلت لعدم اجتيازه العام النهائي في دراسته الجامعية. وقال مواطن دمشقي آخر يعمل في ناد صحي، انه لزم منزله مع زوجته لمدة 48 ساعة خشية معاقبته على عدم التصويت. واضاف “لا أعرف إذا كان لابد من الذهاب إلى العمل في وقت لاحق اليوم. ماذا لو كانوا جميعاً قد شاركوا في الانتخابات وغمسوا أصابعهم في الحبر وسألوني لماذا لم أفعل مثلهم؟”. وتابع أنه عندما اتصل به أفراد من أسرته وأصدقاء له يوم الانتخابات لسؤاله عما إذا كان قد أدلى بصوته كذب عليهم وقال إنه شارك بالفعل. وقال: “لا اريد اي صداع وخاصة في الهاتف. من يعرفون مدى معارضتي للأسد يعرفون أنني لم اشارك في التصويت وأولئك الذين لا يعرفون يمكنهم الاحتفاظ بأوهامهم”.

واضاف: “أنا لا أستطيع أن أفعل أي شيء لمسلحي المعارضة لأني أعيش هنا وكل شيء يخضع لسيطرة محكمة وأنا أخشى على أسرتي. لذا فإن عدم ذهابي إلى مركز الاقتراع يوم الانتخابات هو أقل ما يمكن أن أفعله”.

واشاد حلفاء الأسد مثل إيران وروسيا وحزب الله اللبناني بالانتخابات. ونقلت قناة تلفزيون “المنار”، التابعة لحزب الله عن عضو الكتلة البرلمانية للحزب محمد رعد قوله إن “انتخاب الأسد يكتب نهاية المؤامرة التي استهدفت تدمير سورية”.

وقالت روسيا إن “فريقاً من المراقبين البرلمانيين من دول غالبيتها متعاطفة مع الأسد خلصت إلى أن الانتخابات حرة ونزيهة وشفافة”، وانتقدت الدول التي نددت بالاقتراع. ويبدو أن كثيرا من السوريين ممن أدلوا بأصواتهم هذا الأسبوع، كانوا مدفوعين بالتوق نحو الاستقرار أكثر من اهتمامهم بالسياسة. وبالنسبة للأقليات مثل العلويين والمسيحيين والدروز يمثل الأسد المنتمي للطائفة العلوية خط الدفاع ضد المسلحين الإسلاميين والوعد بعودة الاستقرار وإن كان ذلك بعيد المنال.

وتشير الأرقام الرسمية أيضا إلى أن كثيراً من الأغلبية السنية شاركوا في التصويت للأسد، إما لأنهم سئموا الصراع وإما لخوفهم من العقاب إذا لم يشاركوا في التصويت.

بل أن كثيراً من معارضي الأسد شاركوا ايضاً في الاقتراع. وقالت سيدة لها أبناء في سن التجنيد “نحن نعيش هنا وعلينا المشاركة في هذه المسرحية، إذا كان التصويت يعني بقاءنا بعيدا عن دائرة الاشتباه ولا أحد يضايقنا ولا أحد يضايق أبنائي فالأمر يستحق. فضلاً عن ذلك فإن صوتي لن يصنع فارقا على أي حال لأنه سيفوز بغض النظر عن أي شيء”. وأضافت وهي ترفع إصبع السبابة وقد غمست طرفه في الحبر الفوسفوري “أشعر أنني فعلت الصواب لوجود هذا الحبر”.

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.