داعش

العراق وسوريا: الغزو واحد

منذ اجتياح “داعش” للموصل وصعود نجم التنظيم الاصولي في العراق، سارع مسؤولون غربيون حاليون وسابقون الى القاء اللوم في ذلك على عدم حصول تدخل عسكري غربي في سوريا منذ 2011، الامر الذي اتاح للتنظيمات الجهادية التابعة لـ”القاعدة” مثل “جبهة النصرة” او تلك المنشقة عنها مثل “داعش” باكتساب كل هذه القوة والموارد اللازمة للسيطرة والتوسع.

وكان المسؤولون الروس خرجوا في اليوم التالي لسقوط الموصل بنتيجة مفادها ان الغزو الاميركي – البريطاني للعراق عام 2003 هو السبب في تقوية شوكة الجهاديين والتطرف الاسلامي عموماً في المنطقة. ويستند الروس في تحليلهم الى الوقائع التي تلت الغزو من تدمير لمؤسسات الدولة العراقية وتخريب للنسيج الاجتماعي للعراق.

وفي المقابل توصل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى نتيجة مفادها ان قرار محاربة الجهاديين في العراق لن يعرف طريقه الى النجاح ما لم يقترن بتعزيز الوضع القتالي لما سماه المعارضة السورية المعتدلة. اما رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير الشريك الاساسي لجورج بوش الابن في غزو العراق، فسارع الى الدفاع عن قرار الحرب في العراق عام 2003 والقاء اللوم في احداث العراق على الغرب الذي لم يقصف سوريا منذ ثلاثة اعوام ، الامر الذي اتاح نمو قوة الجهاديين في سوريا والعراق.
ويتحدث هولاند او بلير او غيرهم من مؤيدي التدخل العسكري الغربي منذ اليوم الاول للأزمة السورية وكأن كل التدخلات العسكرية الغربية نجحت في جلب الاستقرار والامان الى الدول التي حصلت فيها هذه التدخلات، إلا اذا كان الغرب ينظر الى ليبيا على انها قصة نجاح.

واذا كان المسؤولون الروس ذكّروا بالغزو الاميركي – البريطاني للعراق، فإنما فعلوا ذلك كي يدلوا الى النموذج الذي كانت ستنتهي اليه سوريا في حال تدخل الغرب عسكرياً في هذا البلد باعتبار ان التدخل العسكري الغربي لن يزيد الامور في سوريا إلاّ سوءاً على سوء. والغرب وفريق من العرب الذين دعموا عسكرة المعارضة السورية على امل وضع نهاية سريعة للنظام، ساهما من حيث يدريان او لا يدريان في نشر الفوضى التي نمت في ظلالها قوة الجهاديين، تماماً كما كانت الفوضى الناشئة عن تدمير مؤسسات الدولة العراقية بعد غزو 2003، طريق “القاعدة” الى العراق.

في الشأن القومي لا يمكن فصل العراق عن سوريا نظراً الى الترابط الاستراتيجي بين الدولتين بصرف النظر عن الانظمة التي تحكم فيهما. وعندما غزا جورج بوش الابن العراق، فإنه تسبب بالزلزال الذي لا تزال تداعياته تتردد في اصقاع الشرق الاوسط بكامله.

سميح صعب – النهار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.