المبعوث الجديد لسوريا ستافان دي مستورا : إدارة الأزمة بعد اليأس من حلها

بعد التشاور مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، تعيين السيد ستافان دي مستورا ، مبعوثا خاصا لسوريا خلفا للدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي الذي عين خلفا للأمين العام السابق كوفي عنان.

وستكون مهمة دي مستورا متابعة الجهود السياسية التي بدأها عنان بمشروعه المكون من ست نقاط لكنه فشل في تحقيق أي إختراق فاستقال في 31 آب/ أغسطس 2012 ثم تابعها الإبراهيمي منطلقا من إعلان جنيف 1 الذي توصلت إليه الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى دول الجوار والاتحاد الأوروبي بتاريخ 30 حزيران/ يونيو 2012.

إستطاع الإبراهيمي أن يعقد جلستي حوار بين النظام والمعارضة لكن جهوده ومحاولاته الحثيثة وصلت إلى طريق مسدود في شباط/ فبراير الماضي وأدت إلى إستقالته بتاريخ 31 أيار/ مايو 2014. بدأ بعدها الأمين العام رحلة البحث عن مبعوث جديد يحمل في جعبته أبعادا جديدة ويمتلك قدرات فذة ويمثل وزنا دوليا يبز حجم سابقيه. فهل إختيار ستافان دي مستورا كان القرار الأسلم. وماذا يحمل هذا الإيطالي/ السويدي في جعبته وهل لديه ما يقدمه في الملف السوري أكثر مما قدمه المبعوثان السابقان؟

من هو ستافان دي مستورا؟

سويدي إيطالي عمل في الخارجية الإيطالية. ثم انتقل للعمل مع المنظمة الدولية. وأهم المناصب التي شغلها: المبعوث الخاص للأمين العام في لبنان(2001-2004) والممثل الخاص للأمين العام في العراق (2007-2009) والممثل الخاص للأمين العام في أفغانستان (2010-2011) كما شغل عدة مناصب في برنامج الغذاء العالمي ومديرا لمكتب الأمم المتحدة للإعلام في روما وغير ذلك الكثير. يتحدث دي مستورا كثيرا من اللغات بطلاقة كالفرنسية والانجليزية والإيطالية والسويدية والألمانية. وبسبب مهماته الكثيرة والطويلة في المنطقة العربية إلتقط بعض المصطلحات العربية المحلية وخاصة اللبنانية. لكنه لا يتقن العربية لا قراءة ولا كتابة ولا يستطيع أن يدير إجتماعا باللغة العربية. ولسد هذا النقص عين الأمين العام نائبا له هو السيد رمزي عز الدين رمزي، السفير المصري السابق في ألمانيا والنمسا والممثل الدائم السابق لمصر لدى الأمم المتحدة في فيينا.

ومن معرفتنا الشخصية بالسيد دي مستورا ومن حصيلة آراء الكثيرين الذين عملوا معه نستطيع أن نصفه بأنه موظف مجتهد مخلص في عمله وينفذ أوامر مرؤوسيه حرفيا. يهمه رضى المسؤولين عنه قبل رضى الفئات المستهدفة. ليس مجددا ولا مغامرا ولا جريئا ولا مبدعا. إذن الأمين العام هبط بمستوى المبعوث الخاص من أمين عام سابق كان رئيسا للإثنين معا الإبراهيمي ودي مستورا، إلى دبلوماسي مخضرم يعرف المنطقة وثقافتها ولغتها وتعقيداتها وأحزابها وطوائفها وشعرها ونثرها وكتابها وصحافييها إلى موظف جاد يدير الأزمة ولا يقدم جديدا. فإذا فشل الأول والثاني فهل نتوقع أن ينجح الثالث ويتفوق على مدرائه السابقين؟

فهل لدى السيد دي مستورا ما يقدمه لحل الأزمة السورية؟ الجواب ببساطة لا. إن مهمة دي مستورا تتمحور حول إدارة الأزمة وليس حلها إلى أن تتبلور الأمور على الأرض وتحسم في إتجاه ما أو أن يحسم الانقسام في مجلس الأمن ويتوصل المجلس إلى حل توافقي جديد يكلف دي مستورا بتنفيذه. لقد تعقدت الأزمة السورية كثيرا في السنتين الأخيرتين وخاصة بعد انتشار الحركات المتطرفة وقيام الإمارات الإسلامية ليس فقط في سوريا بل وفي أجزاء من العراق. فبعد تنصيب قائد حركة داعش البغدادي نفسه خليفة لحق به رئيس جبهة النصرة الجولاني ليعلن نفسه أميرا. بينما قوى الرئيس السوري بشار الأسد من مواقعه بعد الانتخابات الأخيرة مدعيا أنه رئيس منتخب. كما أن مصادر قوته الفعلية تنبع من دعم قوي من إيران وحزب الله وروسيا اقتصاديا وعسكريا وسياسيا بالتوالي. فكيف لموظف مجتهد مثل دي مستورا أن يحقق أي إختراق في هذا المشهد المعقد؟

ومن يعيد قراة تكليف الأمين العام للسيد دي مستورا يستطيع أن يستنتج أنه لا يتوقع الكثير منه. يقول: «المبعوث الخاص سيستخدم القوة الناعمة لمكتبه/ نواياه الحسنة للتوصل إلى نهاية للعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والدفع باتجاه إيجاد حل سياسي للصراع في سوريا»، كما جاء في تصريح الأمين العام للصحافة المعتمدة في المقر الدائم للأمم المتحدة. فسوريا اليوم تجاوزت مسألة الحل عن طريق الأشخاص والمبعوثين بعد أن تم تمزيق الوطن وتمزيق الشعب حيث تحول 9.3 مليون إلى لاجئين أو مشردين أو محاصرين بانتظار المساعدات الإنسانية التي قد تصل وقد لا تصل.

عبد الحميد صيام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.