سقوط المالكي لا يُسرّع التسويات في المنطقة!

بعيداً من الحملات الإنتخابية التي تشتدّ حماوتها بين الجمهوريين والديموقراطيين، عشية الإنتخابات النصفية لمجلسَي الشيوخ والنواب الأميركيَين، فإنّ المزايدات من يمين الرئيس باراك أوباما ويساره لا تلغي حقيقة أنّ المصالح الأميركية هي المحرّك الأول والأخير لأيّ عمل خارجي، سواء كان عسكرياً أو سياسياً.

يقول مصدر أميركي، تعليقاً على قرار أوباما البدء بعمل عسكري «محدود» في العراق إنه «لم يحتَج الى إذن من الكونغرس او استشارة حلفائه، حين بدا أنّ الوضع مُقبلٌ على كارثة لا يمكن تحمّل نتائجها.

لكنّ الأهم أنّ الضغط وسياسة عضّ الأصابع التي اعتبرت بعض الأطراف الإقليمية أنها تخوضها من موقع الندّية مع واشنطن، قد وصلت الى خواتيمها، مع إحساسها بأنّ المنظومة التي سعت الى بنائها على امتداد حقبة كاملة من الزمن، هي في طريقها الى الإنهيار الشامل».

وإذ يدعو هذا المسؤول الى الفصل بين ما يشهده العراق وما تشهده سوريا او غيرها من الملفات الإقليمية المشتعلة في المنطقة، يؤكد أنه مع اكتمال تسمية القيادات العراقية عبر تكليف حيدر العبادي تأليف الحكومة العراقية الجديدة، فإنّ مساراً سياسياً جديداً ستتقرّر على ضوئه ملفات اخرى عدّة، خصوصاً أنّ الأمر قد لا يحصل في سلاسة، مع تمسّك المالكي «بأحقيّته» في تولّي هذا المنصب.

فعلى ضوء سلوكه، سيتقرّر ليس مصير العملية السياسية في العراق فحسب، بل مصيره الشخصي ايضاً. فإما أن يتحوّل لاعباً ضمن آخرين، او يُعرّض نفسه وحزبه وتحالفه لخطر النفي والتبدّد والتشرذم.

وفيما ترى أوساط ديبلوماسية أميركية أنّ الأمر يحتاج الى «مزيد من الوقت لتتكشف ملامح المرحلة المقبلة»، إلّا أنّ الثابت بعد المواجهة الحاصلة على أرض العراق هو أنّ ايران في طريقها للتحوّل لاعباً بين متساوين، سواء في بغداد او في دمشق او بيروت او صنعاء.

لكنّ السؤال المطروح: كيف يمكن للقيادة الإيرانية المسؤولة عن الخسائر الإستراتيجية التي أصابتها القبول بهذه النتيجة؟ وهل هذا يعني أنّ موافقتها على التخلّي عن المالكي وعن سيطرتها السياسية المطلقة على العراق، سينحصر في هذا البلد ام أنه سينسحب على غيره من الساحات؟

في تقدير تلك الأوساط أنّ الأمر قد لا يكون بهذه البساطة، ومن المبكر الحديث عن «صحوة» سياسية بين المكوّنين الطائفيَين: السنّة والشيعة، في المنطقة. ولعلّ هذا الأمر هو الذي يقف وراء محدودية التدخّل الأميركي وأهدافه التي ذكّر أوباما بها مجدّداً في كلمته أمس الأول.

فالنزاع على زعامة المنطقة لم يستقرّ بعد، فيما قيادات إقليمية تُعد العدّة لمزيد من الإندفاع، سواء داخل حدودها وإمساكها بمقاليد السيطرة، او على مستوى المنطقة، مثلما جرى في تركيا.

حتى الآن لا دلائل تشير الى أنّ اللاعبين الإقليميين والمحلّيين قد تعبوا من جولات النزاع المتتالية. لكن بعد نحو عشر سنوات على بدء «المغامرة» الإيرانية في المنطقة، وأكثر من ثلاث سنوات من الحروب الأهلية، يمكن القول إنّ هناك خاسرين لكن لا منتصرين ايضاً.

وتختم تلك الأوساط بالقول «إنّ المالكي سقط قبل الرئيس السوري بشار الأسد، لكنّ سقوط الأخير لا يبدو الآن هو القضية، ويرجّح أن تسيل دماء كثيرة قبل نهاية حقبته، فيما الحديث عن تسويات إقليمية يفتقر الى كثير من الإسنادات والدقة».

الرئيس الأميركي كان واضحاً عندما خاطب إيران بضرورة أن تُتقن فنّ المساومة حتى لا تخسر كلّ شيء. ولعله يشير هنا ايضاً الى ملفها النووي، الذي قد لا يحتاج بعد ما جرى في العراق الى جلسات مديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.