يثب

مدرسة أردوغان

د . كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

بعيدا عن مدى دعم الثورة السورية في اسقاط الأسد الذي قدمته تركيا أو كان بإمكانها تقديمه ، وبغض النظر عن هذه المسألة، وبعد ارتفاع حدة التوترات بين بعض تجمعات اللاجئين وسكان بعض المناطق .. والتي هي مؤسفة وغير لائقة… فإنني متفائل أنها لن تتفاقم.. لسبب بسيط هو أنه في تركيا سياسيون ناضجون يفهمون شعوبهم وشعوب المنطقة ويتصرفون  بحكمة وبعد نظر…

تعتبر سياسة الأبواب المفتوحة التي اتبعتها ادارة أردوغان تجاه الشعب السوري من أكثر السياسات التي ترسم الطريقة الصحيحة لتعامل الشعوب وفتح جسور التعاون والإخاء، فهي ليست تعبيرا فقط عن إنسانية وتدين وواجب، بل أيضا عن ذكاء سياسي، وبعد نظر اقتصادي كبير، يذكرنا بالتاريخ المشترك والثقافة المشتركة، وبسلوك تجار المدن العريقة كدمشق واستانبول ..

فالذي فعلته الحكومة هو الاستثمار الصحيح والقيمي في العلاقات السياسية والمجتمعية  والاقتصاد ، ويقدم نموذجا لكل من يفكر بتعاون اقليمي ونفوذ اقتصادي وانساني…لا يستمده من جشعه بل من كرمه ونبالة أخلاقه ..  لقد تحملت تركيا الكثير من أعباء واساءات اللاجئين، وظهرت فيها احتجاجات قام بها  قصيري النظر والنفس والمغرضين، لكن تبقى المصالح الاقتصادية والانسانية المترتبة عن هذا التداخل المجتمعي الكبير والذي سيدوم ويدوم، التي ستعطي تركيا وشعبها قوة اضافية لن تتبدد مع السنين..

حتى لو استضافت تركيا نصف الشعب السوري ووطنت ربعه فإنها ستربح أكثر بكثير من تكاليف ذلك، فغدا ولن يطول الوقت حتى تستعيد سوريا حريتها وبالتالي قلة من السوريين سيفكرون بالبقاء، لكنهم بعودتهم سيربطون سوريا بتركيا بأكثر من رباط لا ينفصم.. فسياسة الأبواب المفتوحة ستعود بالخير الوفير على تركيا وأهلها وستتحول لجسور أخوة وتعاون طويلة المدى في كل المجالات…

لنقارن تركيا بما تفعله بعض الدول العربية التي تستضيف أعداد كبيرة، وتتكلف كلف كبيرة أيضا، لكنها تتعمد اظهار انزعاجها وتتعمد ازعاج من خربت حياتهم من السوريين، ليعودوا غدا وقد غسلوا كل ما كانوا يحملونه من محبة وأخوة…  ألتقي بالكثير من العراقيين في المهجر وأسمع منهم محبتهم للشعب السوري الذي فتح لهم بيوته واقتصاده وبغض النظر عن طوائفهم أيام محنتهم، فأشعر كم هو أردوغان وصحبه مدرسة في السياسة والاقتصاد والتجارة والانسانية أيضا.

شكرا تركيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.