يثب

“بصراحة الصراع السوري صار مذهبياً”!

سركيس نعوم

تعليقاً على كلام المسؤول السابق في إدارة أميركية مهمة له خبرة واسعة في الدول الملتهبة في المنطقة، قلتُ: قبل لوم أميركا لغياب أي سياسة سورية عندها، وهو لوم في محله، لا بد من لوم العرب وتحديداً دول عربية معينة ومعها تركيا، وخصوصاً بعدما أبدت كلها ولكن منفردة غيرتها على ثوار سوريا ورغبتها في مساعدتهم لتحقيق أهدافهم. المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا دخلت كلها في منافسة جدية آذت الثوار كثيراً وأفادت النظام الذي ثاروا عليه. ردّ: “لم تكن للبيت الأبيض سياسة، وكان متمسكاً بعدم التورط عسكرياً في سوريا أو في غيرها. وكانت الحجة أنه إذا نفذت القوات الأميركية ضربة عسكرية أو غارة جوية أو أكثر فإن العلويين سيعودون إلى القتال بعد يومين على الأكثر. وإذا نفّذت ضربة أكبر وأوسع وعاد العلويون إلى القتال من جديد ماذا تفعل أميركا؟ هل تستمر في الضربات الجوية؟ ثم ألا يؤدي ذلك إلى تورُّط عسكري أميركي مباشر وواسع؟ الرئيس أوباما لا يريد ذلك”.
سألتُ: ماذا تعرف عن المعارضة السورية في الداخل؟ يقال إن “لجان التنسيق” التي يترأسها حسن عبد العظيم تشارك بفاعلية في الثورة على نظام الأسد رغم اختلافها في أمور كثيرة مع معارضة الخارج؟ أجاب: “الديبلوماسيون الاميركيون الذين خدموا في سوريا يعرفون تماماً عبد العظيم و”لجانه” وغيرهم وقد اجتمعوا بهم أكثر من مرة. يتحدثون كثيراً لكن لا وجود عسكرياً لهم. مرة كان سفير أميركا في سوريا روبيرت فورد في بيت عبد العظيم، فلاحظ ومضيفه أن حصاراً عسكرياً وأمنياً قد أقيم على البيت. ثم تلقى المضيف (أي عبد العظيم) اتصالاً من نائب الرئيس فاروق الشرع قاله له فيه ان سفير أميركا موجود عندك، وهذا يعني أنه يتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، وهذا لا يجوز. يجب أن يخرج. فكان الجواب: “السفير يقوم بزيارة عادية لي. وأنا عندي الحرية أن استقبل في بيتي من أريد”.
لماذا غضب النظام السوري من السفير الأميركي في دمشق؟ سألتُ. أجاب: “تبلغت السفارة أن مدينة حماه ستشهد تظاهرة شعبية حاشدة ضد النظام فأرسل يوم التظاهرة ديبلوماسياً مبتدئاً إذا جاز التعبير إلى هذه المدينة ليتأكد من ذلك وليعرف الحجم الفعلي لها، وعندما عاد الى العاصمة أبلغ إليه أن المتظاهرين كانوا بالآلاف وأن التظاهرة كانت سلمية. لكنه لم يصوِّر التظاهرة. فأرسل في اليوم التالي ديبلوماسياً آخر شاهد تظاهرة أخرى حاشدة وعاد بصوَرٍ لها إلى بعثته، وأكد سلميّتها وأن عددها يقارب المئة ألف إنسان. قرر فورد عندها الذهاب بنفسه إلى حماه في اليوم التالي بعدما أبلغ السلطات السورية بذلك. وهذا أمر كان يفعله عند كل تحرُّك يقوم به. ثم اتصل بمساعد وزير الخارجية جيفري فيلتمان وأخبره بقراره زيارة حماه. لكنّه لم يسمع جواباً. وهناك رأى بنفسه أن ما عاد به موفداه الديبلوماسيان كان صحيحاً مئة في المئة، وأرسل كتاباً بذلك إلى وزارته في واشنطن. لكن شيئاً لم يحصل”.
ماذا تعرف عن “جبهة النصرة”؟
أجاب المسؤول السابق نفسه: “زوَّدت أميركا في البداية “جبهة النصرة” سلاحاً، ثم وضعتها بعد ذلك على لائحة المنظمات الإرهابية المحظّر التعامل معها. في أي حال طلبت أميركا أكثر من مرة من المعارضة السورية أن تضم في صفوفها علويين. في إجتماعات إسطنبول لم يكن هناك علوي واحد وفي “مؤتمر جنيف 2″ أيضاً. فسألَتْ أميركا لماذا؟ فكان الجواب بما معناه: لا أحد منهم على قدر الحِمْل. فذكر ممثلوها أسماء علويين معارضين واقترحوا على قادة المعارضة ضم بعضهم إلى الوفد المفاوض، لكن ذلك لم يحصل. وعنى هذا في وضوح أن الصراع في سوريا صار مذهبياً وبصراحة كلّية. وهناك خوف أن يربح السنّة. ذلك أن المتطرفين والمتشددين من إسلامييهم، وهم للمناسبة الذين يقاتلون وليس معارضة إسطنبول التي لا دور لها ولا أثر، قد يعمدون إلى التنكيل بالعلويين واضطهادهم، إلى ارتكاب مجزرة أو مجازر في حقهم. علماً أن العلويين سيفعلون الأمر نفسه مع السنّة إذا ربحوا في حربهم عليهم، أي إذا استعادوا السيطرة على الجغرافيا السورية كلها”. سألتُ: هل خطة الرئيس بشار الأسد هي استعادة كل سوريا أي جلبها إلى بيت الطاعة كما يقال، أو تأسيس كيان مذهبي موسّع في حال تعذرت عليه الاستعادة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.