يثب

رؤساء في لوحة الشرف

الطاهر إبراهيم

في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، كان طلاب المدارس الابتدائية ينظرون إلى من نال علامة عشرة من عشرة نظرة إعجاب. ويأكل الحسد قلوب بعضهم عندما تعلق صورة الطالب وتحتها اسمه، في لوحة الشرف في المدرسة، لأنه نال العلامة التامة في مادة الحساب أو مادة القواعد. وحتى عام 1970، لم يسجل أن طالبا سوريا نال العلامة التامة في الشهادة الثانوية ‘البكالوريا’، ومن باب أولى أن ذلك لم يحدث بكليات الهندسة. وبمجيء حزب البعث للسلطة خاصة في عهد حافظ الأسد، كنا نسمع أن كثيرين نالوا العلامة التامة في الثانوية العامة.
ولأن إرضاء الناس غاية لا تدرك، فقد كان يعتبر تجاوز أي مرشح لرئاسة الجمهورية عتبة الـ60′ من أصوات الناخبين في دولة ما دليلا على أن هذا الرئيس يتمتع بشعبية كاسحة.
تدور الأيام وتمر الأعوام، ويأتي حافظ الأسد رئيسا لسورية، رغم أنف شعبسورية. وكلنا يذكر مهزلة الأربع تسعات التي كان يتحفنا بها وزير داخلية النظام السوري كنتيجة للموافقين على رئاسة حافظ الاسد لسورية. وفي فترته الرابعة التي بدأت عام 1993، كانت نتيجة الاستفتاء تستحق الذكر مع وضع 100 خط أحمر تحتها. فقد أعلن وزير الداخلية أن عدد رافضي رئاسة حافظ الأسد في الاستفتاء في جميع محافظات سورية كان 18 سوريا فقط. (1)
وهنا أحب أن أتوقف عند النسب الفلكية هذه وأتساءل، لماذا يصر هؤلاء الرؤساء على النتيجة الفلكية هذه؟ يذكر لنا التاريخ القريب أن جورج بوش نجح بالمجمع الانتخابي لولاية فلوريدا بزيادة عشرة آلاف صوت على منافسه إل غور، كانت كافية ليصبح رئيسا شرعيا لأمريكا في فترته الأولى. وأن يشن حربين عالميتين على بلدين مسلمين، أفغانستان والعراق، وأن تصبح أفغانستان في عهد الاحتلال الأمريكي هي المزود الرئيس للعالم بالحشيش، بعدما كادت حكومة طالبان تقضي على زراعته. أما العراق، فرغم ما كان يعلن عن بطش الرئيس الراحل صدام حسين يرحمه الله، فقد ترك جورج بوش ومن بعده باراك أوباما العراق وهو لا يكاد يمر عليه يوم إلا وتجري فيه، مذابح يقتل فيها عشرات العراقيين.
صحيح أن بشار الأسد تواضع قليلا، وصرنا نقرأ نتائج الاستفتاء بحدود 97.5′ ، لكن الصحيح أيضا أن المطلعين على بواطــــن الأمور يؤكدون أن عدد المستفتين لم يكن يتجــاوز5′ من عدد الذين يحق لهم الاقتراع. حاولت أن أفسر هذا السلوك من حافظ الأسد ووريثه بشار، حيث كان يكفي الواحد منهم 60′ أو حتى 70′ لكني لم أهتد إلى جواب مقنع.
حسني مبارك لم يصل معه الأمر إلى ما وصل إليه حافظ الأسد وبشار الأسد. لكن النسبة لم تنزل في الاستفتاء عليه عن92′. ويوم خاض الرئيس محمد مرسي سباق الرئاسة ضد احمد شفيق، بالكاد وصل عدد المقترعين إلى حدود 55′ من مجموع الشعب المصري، رغم أن الإخوان المسلمين حشدوا أنصارهم، وقابلهم ‘الفلول’ وكارهو الإخوان بنفس الحشد الضخم.
لا نستطيع أن نتنبأ بمـــــا ستكون عليه نسبة الاقتراع مع عبد الفتاح السيسي، لكـــــن يمكننا مقارنته بالحشد الذي زعمته ‘تمرد’ يوم 30 يونيو/حزيران العام الماضي، حيث زعمت أن المحتشدين في شوارع القاهرة كانوا أكثر من30 مليونا. ذكر بعض المختصين في المساحة، اعتمادا على حسابات غوغل، أن جميع شوارع القاهرة وامتداداتها لا تستوعب أكثر من مليون متظاهر، مع اعتبار أن كل متر مربع يقف عليه 3 متظاهرين.
لعل نجم الانتخابات بحق كان عبد العزيز بوتفليقة الذي شارك في انتخابات رئاسة الجمهورية على كرسي متنقل وهو يدلي بصوته مشاركا بالانتخابات الجزائرية الأخيرة. كان المنظر أكثر من معبر في دولة المليون شهيد عن دولة يقودها رئيس عربي من فوق كرسي متحرك، وينال 81′ من أصوات المقترعين. المغردون على تويتر لم يتركوا الطرفة تفوتهم، فكتب أحدهم يقول: رئيس من ذوي الاحتياجات الخاصة. غرد آخر فكتب 81′ على كرسي متنقل، فكيف لو جاء على حصان أبيض، فربما نال 100 .

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.