هذه اللوحة ترمز لعلم البعث (علم المقابر الجماعية) رسمت عام 2003

في رثاء ربيع دمشق

هذه القصيدة مأخوذة بتصرف عن أسطورة اينانا و دموزي ،كتبتها في صيف 2001 وأرى أنها صالحة لتوصيف ما حدث بعدها بعشر سنوات ، وأحب أن تنشر بمناسبة أعراس الدم  ..

د. كمال اللبواني

في رثاء ربيع دمشق 

من أجل دموزي اغتسلت

جدلت مع الغار شعري

صبغت بالكحل عيني

زينت بالقلادة عنقي

وبالعنبر طيبت  ثغري

دموزي ضم خاصرتي براحتيه الواسعتين

وراح يداعبني

قبلته

وقدراً حلواً تمنيت له

فجأة ..

انشقت الأرض  وخرج منها العفاريت

و الذي قبل  الشفاه  المقدسة

وجل قلبه

أوجس خيفة

فر للبعيد  اختبأ في  الأخاديد

كان فؤاده  مفعماً  بالحزن

صفق العفاريت  بأيديهم ، وراحوا يبحثون عنه

عفريت  لحق  بعفريت

فتلوا حبلاً من  أجله

نجروا له عصاً

أحاطوا  به  من كل  جانب

أمسكوه  قيدوه

عصبوا عينيه

ثبتوا بالمسامير كفيه

واقتادوه

إن  مشى  أمامهم

ضربوه

وإن  سار خلفهم

اقتلعوه

غيلان متوحشون

ينتزعون الزوجة من فراش  زوجها

والطفل الرضيع عن  صدر  أمه

كانوا خلقاً لا يأكلون الخبز

ولا يعرفون مذاق خمر العنب

سريعاً

وصلوا به إلى المذبح

راحوا يدورون حوله

رقصوا رقصة الفرح

نطقوا بكلمات الغضب

صاحوا صيحة التأثيم

حدقوا بعيونهم ..

عيون  الموت

ترنح دموزي

وخر على الأرض صريعاً  

تمدد جثة هامدة

على جسده المقدس

لم يمد القماش

نظرت الأخت إلى  جثة أخيها

تفجر  الدمع من عينيها

خدشت وجنتيها

شقت  ثوبها

مزقت  فمها

صدر عنها نواح ..

مر فوق السيد  المسجى

أواه ..

أواه يا  أخي

أواه يا أخي   الذي  لم  تكن  أيامه طويلة

أواه يا أخي الذي  جلب الحزن   لأمه

أن  تنام  نومة قلقة ..

ولا تنهض

أن تنام نومة أخيرة

السماء … مزقيها  أيتها العاصفة

أقيمي مأتماً أيتها الصحراء

أقيمي مأتماً    أيتها الرمال

أقيموا مناحة  يا سراطين النهر

أقيموا مأتماً

كلكم جميعاً  أقيموا مأتماُ واحدا

ولتنطلق من  أمي

التي ليس عندها عشرة أرغفة

صرخة عويل

 

وتتبدد الأم بصراخها

لتنبت وردة

يراعة تنبت وحدها  

لتحني  رأسها  إليه

على مثواه  الطاهر

لا ينسكب الماء

عند قبره

ما من لبن  يسكب للفقراء

لم يبق ثمة لبن ..

فاللبن كله قد  شربوه

وأغنام  الحظيرة

أغنام الحظيرة الجرباء

تدب على الأرض بأقدام ملتوية

غيلان

حيتان

سفاحون

ينقضون على كل  شيء

وسرعان ما يبددون جثث ضحاياهم المذبوحة

الغيلان تعيش فوق المقابر

ترقص على أكوام الجثث المتعفنة

العفاريت تطرب لألحان التعذيب

العفاريت تنجب وتتكاثر

والعفريت الكبير

فرخ عفريتاً صغيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.